تعالى : يا داود ، إذا رضيت عن عبدي ملأتها بتمرة من صدقة (١) .
عن النبيّ صلىاللهعليهوآله : « ما وضع في الميزان أثقل من حسن الخلق » (٢) .
﴿وَمَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ﴾ بكثرة السيّئات ، أو شدّة قبحها ﴿فَأُولئِكَ﴾ خفاف الموازين هم ﴿الَّذِينَ خَسِرُوا﴾ في الدّنيا وغبنوا ﴿أَنْفُسَهُمْ﴾ بأن ضيّعوا فطرتهم السّليمة التي هي بمنزلة رأس مالهم في سوق الدّنيا ﴿بِما كانُوا﴾ فيها ﴿بِآياتِنا﴾ الدالّة على توحيدنا في الالوهيّة ، وكمال الصّفات والمعجزات الشّاهدة على صدق نبيّنا ، والبراهين الواضحة على وجوب طاعة أوليائنا ﴿يَظْلِمُونَ﴾ وحقّها يضيّعون ، حيث إنّ حقّها أن يصدّقوها ، وهم يكذّبون.
قيل : إنّما قال الله : ﴿مَوازِينُهُ﴾ بصيغة الجمع ، لأنّ كلّ عبد ينصب له موازين بالقسط تناسب حالاته ، فلبدنه ميزان توزن به أوصافه ، ولروحه ميزان توزن به نعوته ، ولسرّه ميزان توزن به أحواله ، ولخفيّه ميزان توزن به أخلاقه (٣) .
وقيل : إنّ لأفعال القلوب ميزانا ، ولأفعال الجوارح ميزان ، وللأقوال ميزان (٤) .
وعن الزجّاج : أنّه قد يطلق الجمع على الواحد ، كما يقال : خرج فلان إلى مكّة على البغال(٥).
وقيل : إنّ الموازين جمع موزون (٦) .
عن أمير المؤمنين عليهالسلام : « فانّما يعني الحساب (٧) ، توزن الحسنات والسيّئات ، والحسنات ثقل الميزان ، والسيّئات خفّة الميزان » (٨) .
وعنه عليهالسلام : « هي قلّة الحسنات وكثرتها » (٩) .
﴿وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنا لَكُمْ فِيها مَعايِشَ قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ (١٠)﴾
ثمّ أنّه تعالى بعد زجر النّاس عن متابعة الشّياطين وعبادة الأصنام ، بتخويفهم من العذاب الدّنيوي والاخروي ، شرع سبحانه في ترغيبهم إلى اتّباع ذاته المقدّسة بتذكيرهم نعمه العظام بقوله : ﴿وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ﴾ وأسكناكم أيّها النّاس ﴿فِي الْأَرْضِ﴾ أو أقدرناكم على التّصرّف فيها بالسكونة (١٠) والزّرع وغيرهما من وجوه الانتفاعات ﴿وَجَعَلْنا﴾ وأوجدنا ﴿لَكُمْ فِيها مَعايِشَ﴾ وما به بقاؤكم وتقوّم اموركم من المطاعم والمشارب والملابس والمناكح ، وما به تحصّلون الخيرات الدّنيويّة والاخرويّة ،
__________________
(١) تفسير روح البيان ٣ : ١٣٧.
(٢) تفسير روح البيان ٣ : ١٣٧.
(٣) تفسير روح البيان ٣ : ١٣٧.
( ٤ و٥ و٦ ) . تفسير الرازي ١٤ : ٢٦.
(٧) في النسخة : يعني إنّما الحسنات.
(٨) التّوحيد : ٢٦٨ / ٥ ، تفسير الصافي ٢ : ١٨١.
(٩) تفسير الصافي ٢ : ١٨١.
(١٠) كذا ، والظاهر : بالسّكن ، أو السّكنى.