والقمّي [ قال ] : فارقوا أمير المؤمنين عليهالسلام ، وصاروا أحزابا (١) .
﴿لَسْتَ مِنْهُمْ﴾ ومن السّؤال عن تفرّقهم وعقائدهم ، أو من قتالهم (٢) ، أو من عقابهم ﴿فِي شَيْءٍ﴾ وقيل : يعني : أنت برئ منهم (٣) ، أو على التّباعد التامّ من الاجتماع معهم في شيء من مذاهبهم الفاسدة (٤)﴿إِنَّما أَمْرُهُمْ﴾ في الإمهال والإهلاك في الدّنيا ، والحكم بينهم فيما اختلفوا فيه راجع ﴿إِلَى اللهِ﴾ وحده ، لا إليك ولا إلى غيرك ﴿ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ﴾ ويخبرهم يوم القيامة ﴿بِما كانُوا﴾ في الدّنيا ﴿يَفْعَلُونَ﴾ من المعاصي والقبائح بأن يعاقبهم على رؤوس الأشهاد.
﴿مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزى إِلاَّ مِثْلَها
وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (١٦٠)﴾
ثمّ أعلن سبحانه بكمال فضله على المحسنين ، وغاية عدله في عقاب العاصين بقوله : ﴿مَنْ جاءَ﴾ وأتى من المؤمنين يوم القيامة ﴿بِالْحَسَنَةِ﴾ من الإيمان والعمل الصّالح ﴿فَلَهُ﴾ من الثواب ﴿عَشْرُ﴾ حسنات ﴿أَمْثالِها﴾ تفضّلا من الله تعالى. وقيل : إنّ العشر كناية عن مطلق الإضعاف (٥) .
﴿وَمَنْ جاءَ﴾ وأتى في ذلك اليوم ﴿بِالسَّيِّئَةِ﴾ والفعلة القبيحة ﴿فَلا يُجْزى﴾ الجائي بها ﴿إِلَّا﴾ سيّئة ﴿مِثْلَها﴾ عدلا منه تعالى ﴿وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ﴾ بزيادة العقاب.
عن الصادق عليهالسلام : « لمّا أعطى الله سبحانه إبليس ما أعطاه من القوّة ، قال آدم : يا ربّ سلّطته على ولدي ، وأجريته فيهم مجرى الدمّ في العروق ، وأعطيته ما أعطيته ، فما لي ولولدي ؟ فقال : لك ولولدك السّيّئة بواحدة ، والحسنة بعشر أمثالها ، قال : ربّ زدني ، قال : التّوبة مبسوطة إلى أن تبلغ النّفس الحلقوم ، فقال : يا ربّ زدني ، قال : أغفر ولا ابالي ، قال : حسبي » (٦) .
﴿قُلْ إِنَّنِي هَدانِي رَبِّي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما
كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٦١)﴾
ثمّ أنّه تعالى بعد إثبات التّوحيد ، وإبطال مذهب الشّرك وأباطيل أهل الجاهليّة ، أمر نبيّه صلىاللهعليهوآله بإعلان النّاس بأنّ توحيده في الرّبوبيّة ملّة إبراهيم ، والدّين القويم ، والصّراط المستقيم ، بقوله : ﴿قُلْ﴾ يا محمّد ، للمشركين الزّاعمين أنّهم على الدّين الحقّ : ﴿إِنَّنِي هَدانِي﴾ وأرشدني ﴿رَبِّي﴾ بلطفه ﴿إِلى
__________________
(١) تفسير القمي ١ : ٢٢٢ ، تفسير الصافي ٢ : ١٧٤.
(٢) في النسخة : قبالهم.
(٣) تفسير الرازي ١٤ : ٨.
(٤) تفسير الصافي ٢ : ١٧٥.
(٥) تفسير الرازي ١٤ : ٩.
(٦) تفسير القمي ١ : ٤٢ ، تفسير الصافي ٢ : ١٧٦.