عن ابن مسعود رضى الله عنه : عن النبيّ صلىاللهعليهوآله أنّه لمّا تلا هذه الآية خطّ خطّا ثمّ قال : « هذا سبيل الرّشد » أو « سبيل الله » ، ثمّ خطّ عن يمينه وشماله خطوطا ، ثمّ قال : « هذه سبل ، على كلّ سبيل منها شيطان يدعو إليه » (١) .
عن النبيّ صلىاللهعليهوآله ، في هذه الآية : « سألت الله أن يجعلها لعليّ ففعل » (٢) .
وفي ( الاحتجاج ) : عنه صلىاللهعليهوآله ، في خطبة الغدير : « معاشر النّاس ، إنّ الله [ قد ] أمرني ونهاني ، وقد أمرت عليّا ونهيته فعلم الأمر والنّهي من ربّه ، فاسمعوا لأمره تسلموا ، وأطيعوه تهتدوا ، وانتهوا لنهيه ترشدوا ، وصيروا إلى مراده ، ولا تتفرّق بكم السّبل عن سبيله.
معاشر النّاس ، أنا الصّراط المستقيم (٣) الذي أمركم باتّباعه ، ثمّ عليّ من بعدي ، ثمّ ولدي من صلبه أئمّة يهدون بالحقّ وبه يعدلون » (٤) .
وعن الباقر عليهالسلام ، قال لبريد العجلي : « تدري ما يعني ب ﴿صِراطِي مُسْتَقِيماً﴾ ، قال : قلت : لا ، قال : « ولاية عليّ والأوصياء » ، قال : « وتدري ما يعني ﴿فَاتَّبِعُوهُ﴾ ، قال : قلت : لا ، قال : « يعني : عليّ بن أبي طالب » . قال : « وتدري ما يعني ﴿وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ﴾ . قال : قلت : لا ، قال : « ولاية فلان وفلان والله » قال : « وتدري ما يعني ﴿فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ﴾ قال : قلت : لا. قال : « يعني سبيل عليّ » (٥) .
﴿ثُمَّ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ
وَهُدىً وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ (١٥٤)﴾
ثمّ لمّا بيّن الله سبحانه وصاياه بجميع الامم بالالتزام بالمحرّمات المفصّلة في الآيات غير المتغيّرة بتغيير الشّرائع ، منّ على النّاس بتكميل شريعته لهم بالأحكام التي شرّعها في التّوراة المنزلة على موسى عليهالسلام بقوله : ﴿ثُمَّ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ﴾ المسمّى بالتّوراة ، لأجل أن يكون ﴿تَماماً﴾ ومكمّلا للنّعمة والكرامة ﴿عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ﴾ القيام به ، وادّى حقّ العمل بأحكامه ، واجتهد في تبليغه كائنا من كان من الأنبياء والمؤمنين ، ﴿وَ﴾ ليكون ﴿تَفْصِيلاً﴾ كافيا وبيانا وافيا ﴿لِكُلِّ شَيْءٍ﴾ من العلوم والأحكام التي يحتاج إليها النّاس ، ومنها البشارة بنبوّة خاتم الأنبياء وذكر علائمه ونعوته ، ﴿وَ﴾ يكون ﴿هُدىً﴾ من الضّلالة ورشادا إلى كلّ حقّ ﴿وَرَحْمَةً﴾ وتفضّلا عظيما بالمؤمنين به ، العاملين بأحكامه ﴿لَعَلَّهُمْ﴾ بالنّظر إلى ظهور قدرة الله وكمال حكمته في إنزال هذا الكتاب ﴿بِلِقاءِ رَبِّهِمْ﴾
__________________
(١) تفسير الرازي ١٤ : ٣.
(٢) روضة الواعظين : ١٠٦ ، تفسير الصافي ٢ : ١٧١.
(٣) في المصدر : صراط الله المستقيم.
(٤) الاحتجاج : ٦٢ ، تفسير الصافي ٢ : ١٧١.
(٥) تفسير العياشي ٢ : ١٢٧ / ١٥٢٠ ، تفسير الصافي ٢ : ١٧١.