تكذّبون أقبح أنواع الكذب.
﴿قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ فَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ (١٤٩)﴾
ثمّ أمر الله تعالى نبيّه صلىاللهعليهوآله بتأكيد الحجّة عليهم بقوله : ﴿قُلْ﴾ يا محمّد ، لهؤلاء المشركين : وإن ثبت أنّ حجّتكم على صحّة الشّرك داحضة ﴿فَلِلَّهِ﴾ على توحيده وعدم رضاه بالشّرك ﴿الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ﴾ غاية المتانة ، والبيّنة الواضحة من تعذيبه المشركين ، وآيات كتابه المقرونة بالإعجاز ، والبراهين التي قررّها رسوله ، وإنّما وكلكم إلى عقولكم وقدرتكم واختياركم لاقتضاء ذلك حكمته ﴿فَلَوْ شاءَ﴾ بالإرادة التّكوينيّة ، وأقتضت حكمته إجباركم على الهداية والإيمان ﴿لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ﴾ البتّة ، وحملكم على الإيمان لا محالة ، فلا يكون منكم ضالّ ولا مشرك.
عن القمّي رحمهالله قال : « لو شاء لجعلكم كلّكم على أمر واحد ، ولكن جعلكم على الاختلاف»(١).
عن الكاظم عليهالسلام : « أنّ لله [ على النّاس ] حجّتين : حجّة ظاهرة ، وحجّة باطنة ، فأمّا الظاهرة : فالرّسل والأنبياء والأئمّة ، وأمّا الباطنة : فالعقول » (٢) .
وعن الصادق عليهالسلام ، سئل عن قوله : ﴿قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ﴾ فقال : « إنّ الله تعالى يقول للعبد يوم القيامة : عبدي أكنت عالما ؟ فإن قال : نعم ، قال له : أ فلا عملت [ بما علمت ] ، وإن كان جاهلا قال له : أ فلا تعلّمت حتّى تعمل ، فيخصمه ، فتلك الحجّة البالغة » (٣) .
وعنه عليهالسلام : « الحجّة البالغة التي تبلغ الجاهل من أهل الكتاب فيعلمها بجهله كما يعلمها العالم بعلمه » (٤) .
﴿قُلْ هَلُمَّ شُهَداءَكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللهَ حَرَّمَ هذا فَإِنْ شَهِدُوا فَلا تَشْهَدْ
مَعَهُمْ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَهُمْ
بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ (١٥٠)﴾
ثمّ أنّه تعالى بعد إبطال دليل المشركين على صحّة مفترياتهم وإنكار مشاهدتهم الله وسماعها منه ، طالب منهم إحضار (٥) غيرهم ممّن شاهده وسمع منه بقوله : ﴿قُلْ هَلُمَ﴾ أيّها المشركون وأحضروا ﴿شُهَداءَكُمُ﴾ وقادتكم ﴿الَّذِينَ﴾ ينصرون مذهبكم لأجل أنّهم ﴿يَشْهَدُونَ﴾ عن علم وعيان ﴿أَنَ
__________________
(١) تفسير القمي ١ : ٢٢٠ ، تفسير الصافي ٢ : ١٦٨.
(٢) الكافي ١ : ١٣ / ١٢ ، تفسير الصافي ٢ : ١٦٨.
(٣) أمالي الطوسي : ٩ / ١٠ ، تفسير الصافي ٢ : ١٦٩.
(٤) تفسير الصافي ٢ : ١٦٩.
(٥) كذا ، والظاهر : طالبهم بإحضار.