الصّلاح من أمير يحملهم على زيادة الصّلاح ، كان أولى (١) .
في لزوم وجود السلطان في الأرض ولو كان جائرا والنهي عن سبّ السلطان
عن أمير المؤمنين عليهالسلام : « لا يصلح للنّاس إلّا أمير عادل أو جائر » ، فأنكروا قوله : « أو جائر » فقال : « نعم ، يؤمّن السّبيل ، ويمكّن من إقامة الصّلاة وحجّ البيت » (٢) .
وعن مالك بن دينار ، [ جاء ] في بعض كتب الله تعالى : أنا الله مالك الملوك ، قلوب الملوك ونواصيهم بيدي ، فمن أطاعني جعلتهم عليه رحمة ، ومن عصاني جعلتهم عليه نقمة ، لا تشغلوا أنفسكم بسبّ الملوك ، لكن توبوا إليّ اعطّفهم عليكم (٣) .
﴿يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آياتِي
وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا قالُوا شَهِدْنا عَلى أَنْفُسِنا وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا
وَشَهِدُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كانُوا كافِرِينَ (١٣٠)﴾
ثمّ نبّه سبحانه على أنّ العذاب في القيامة لا يكون إلّا بعد إتمام الحجّة بقوله : ﴿يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ﴾ وجماعة الثّقلين المنكرين للبعث ﴿أَ لَمْ يَأْتِكُمْ﴾ في الدّنيا من قبلنا ﴿رُسُلٌ مِنْكُمْ﴾ وأنبياء يجانسونكم حتّى تميلوا إليهم ، وتستفيدوا منهم ، وهم كانوا ﴿يَقُصُّونَ﴾ ويتلون ﴿عَلَيْكُمْ آياتِي﴾ وكتابي ﴿وَيُنْذِرُونَكُمْ﴾ ويخوّفونكم ﴿لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا﴾ وشدّة أهواله وعذابه ؟
قيل : إنّ الله كما أرسل رسلا من الإنس ، أرسل رسلا من الجنّ ، وأستدلّ بهذه الآية وبقوله : ﴿وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيها نَذِيرٌ﴾(٤) والأكثر على أنّه ما كان من الجنّ رسول ، وإنّما كان الرّسول من الإنس خاصّة.
وضمير ( منكم ) راجع إلى مجموع الثّقلين ، فيكفي كونه من الإنس ، أو إلى أحد الثّقلين لا كلّ منهما ، أو إلى كلّ منهما ، أو كان رسل الجنّ رسل الإنس ؛ للإجماع على اختصاص الرّسل بالإنس ، وما روي من أنّ الله بعث نبيّا إلى الجنّ يقال له يوسف فقتلوه (٥) ، وأرسل محمّدا صلىاللهعليهوآله إلى الثّقلين ، لا دلالة فيه على أنّ ذلك النبيّ كان من الجنّ.
ثمّ لمّا لم يجدوا بدّا من الاعتراف بالرّسل وتبليغاتهم ﴿قالُوا﴾ مجيبين : بلى ﴿شَهِدْنا﴾ وأعترفنا ﴿عَلى أَنْفُسِنا﴾ بالكفر واستحقاق العذاب.
ثمّ بيّن سبحانه علّة كفرهم وشقاقهم مع الرّسل بقوله : ﴿وَغَرَّتْهُمُ﴾ وفتنتهم ﴿الْحَياةُ الدُّنْيا﴾
__________________
( ١ و٢ و٣ ) . تفسير الرازي ١٣ : ١٩٤.
(٤) تفسير الرازي ١٣ : ١٩٥ ، والآية من سورة فاطر : ٣٥ / ٢٤.
(٥) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ١ : ٢٤٢ / ١ ، تفسير الصافي ٢ : ١٥٨.