الآلام والأسقام والفقر ﴿وَلا نَفْعاً﴾ من الصحّة والغنى والعزّ.
ثمّ هدّدهم بقوله : ﴿وَاللهُ هُوَ السَّمِيعُ﴾ لأقوالهم ﴿الْعَلِيمُ﴾ بعقائدهم ، فيجازيهم عليها أسوأ الجزاء.
﴿قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلا تَتَّبِعُوا أَهْواءَ قَوْمٍ قَدْ
ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيراً وَضَلُّوا عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ (٧٧)﴾
ثمّ أنّه تعالى بعد تفضيح أهل الكتاب وذمّهم وتوبيخهم ، أمر النبيّ صلىاللهعليهوآله بنصحهم بقوله : ﴿قُلْ﴾ يا محمّد ، مخاطبا للفريقين : ﴿يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا﴾ ولا تجاوزوا ﴿فِي دِينِكُمْ﴾ وعقائدكم عن الحدّ غلوّا وتجاوزا ﴿غَيْرَ الْحَقِ﴾ كادّعاء الوهيّة عيسى وامّه ، وبنوّة عزير لله ﴿وَلا تَتَّبِعُوا﴾ في العقائد والأعمال ﴿أَهْواءَ قَوْمٍ﴾ وميول أنفس جمع جمعوا جميع مراتب الضّلال ، وهم أسلافهم وأئمّتهم الّذين ﴿قَدْ ضَلُّوا﴾ عن الحقّ ﴿مِنْ قَبْلُ﴾ وفي الأزمنة السّابقة على بعثة خاتم الرّسل ﴿وَأَضَلُّوا كَثِيراً﴾ ممّن تابعهم على ضلالهم وبدعهم ﴿وَضَلُّوا﴾ بعد ظهور نور الإسلام ﴿عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ﴾ والنّهج الحقّ المستقيم الذي دعوا إليه.
﴿لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى لِسانِ داوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذلِكَ
بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ (٧٨) كانُوا لا يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ ما كانُوا
يَفْعَلُونَ (٧٩)﴾
ثمّ لمّا نهاهم الله عن اتّباع الأسلاف لكونهم في غاية الضّلال والإضلال ، وكانوا مفتخرين بأنّهم كانوا من أولاد الأنبياء ، بالغ سبحانه في ذمّهم بكون أسلافهم ملعونين في ألسنة الأنبياء بقوله : ﴿لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ﴾ مع كونهم أقرب منكم إلى الأنبياء ، وقد كان لعنهم ﴿عَلى لِسانِ داوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ﴾ .
في ذكر مسخ بني إسرائيل قردة وخنازير
عن الباقر عليهالسلام : « أمّا داود فإنّه لعن أهل أيلة (١) لمّا اعتدوا في سبتهم ، وكان اعتداؤهم في زمانه ، فقال : اللهمّ ألبسهم اللّعنة مثل الرّداء على المنكبين ، ومثل المنطقة (٢) على الحقوين (٣) ، فمسخهم الله قردة ، وأمّا عيسى عليهالسلام فإنّه لعن الّذين انزلت عليهم المائدة ثمّ كفروا بعد ذلك » (٤) .
__________________
(١) أيلة : مدينة على ساحل بحر القلزم مما يلي الشام ، وهي مدينة لليهود الذين حرّم الله عليهم صيد السمك يوم السبت فخالفوا ، فمسخوا قردة وخنازير.
(٢) المنطقة : ما يشدّ في الوسط.
(٣) الحقو : الخصر.
(٤) مجمع البيان ٣ : ٣٥٧ ؛ تفسير الصافي ٢ : ٧٤.