عن القمّي : « أنّها نزلت في مهديّ هذه الامّة وأصحابه » (١) .
في نقل كلام الفخر الرازي ورده
قال الفخر الرازي : وقال قوم : إنّها نزلت في عليّ عليهالسلام ، ويدلّ عليه وجهان :
الأوّل : أنّه صلىاللهعليهوآله لمّا دفع الرّاية إلى عليّ يوم خيبر قال : « لأدفعنّ الرّاية غدا إلى رجل يحبّ الله ورسوله ، ويحبّه الله ورسوله » ، وهذا هو الصّفة المذكورة في الآية.
الوجه الثاني : أنّه تعالى ذكر بعد هذه الآية قوله : ﴿إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ﴾ إلى آخره ، وهذه الآية في حقّ عليّ ، فكان الأولى نزول ما قبلها أيضا في حقّه.
إلى أن قال : المقام الأوّل : أنّ هذه الآية من أدلّ الدّلائل على فساد مذهب الإمامية من الرّوافض ، وتقرير مذهبهم : أنّ الّذين أقرّوا بخلافة أبي بكر وإمامته كلّهم كفروا وصاروا مرتدّين ؛ لأنّهم أنكروا النّصّ الجليّ على إمامة علي عليهالسلام.
فنقول : لو كان الأمر كذلك لجاء الله بقوم يحاربهم ويقهرهم ويردّهم إلى الدّين الحقّ بدليل قوله : ﴿مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ﴾ إلى آخر الآية ، وكلمة ( من ) شرطية للعموم ، فهي تدلّ على أنّ كلّ من صار مرتدّا عن دين الإسلام ، فإنّ الله يأتي بقوم يقهرهم ويردّهم ويبطل شوكتهم ، فلو كان الّذين نصّبوا أبا بكر للخلافة كذلك ، لوجب بحكم الآية أن يأتي الله بقوم يقهرهم ويبطل مذهبهم ، ولمّا لم يكن [ الأمر ] كذلك ، بل الأمر بالضدّ ، فإنّ الرّوافض هم المقهورون الممنوعون عن إظهار مذاهبهم (٢) الباطلة [ أبدا ] منذ كانوا ، علمنا فساد مقالتهم ومذهبهم ، وهذا كلام ظاهر لمن أنصف (٣) .
أقول : ظاهر الآية أنّ الخلق إذا كفروا وارتدّوا ، فلن يضرّوا الله شيئا ، وأنّ دينه لا يخلوا من أنصار - كما ذكرنا سابقا - وليس في الآية وعد بإتيان قوم يجاهدون المرتدّين حتّى يقهروهم ويردّوهم عن دينهم الباطل ، كما ادّعاه النّاصب ، ولو كان معنى الآية كما ذكره ، لكان كذبا - نعوذ بالله - لوضوح أنّه حدث بعد النبيّ صلىاللهعليهوآله مذاهب فاسدة ، وارتدّ القائلون بها قطعا ؛ كمذهب التجسّم والنصب وغيرهما ، ولم يقاتلوا ولم يقهروا ، ولم يردّوا عن مذهبهم ، بل لازم ذلك أن لا يبقى مرتدّ على وجه الأرض إلى يوم القيامة لعموم الآية ، وهو خلاف الحسّ والضّرورة.
وقد رووا أنّ جبلة بن الأيهم أسلم على يد عمر ، وكان يطوف يوما جارّا رداءه ، فوطأ رجل طرف ردائه ، فغضب فلطمه ، فتظلّم الرّجل إلى عمر ، فقضى له بالقصاص عليه إلّا أن يعفو عنه ، فقال جبلة :
__________________
(١) تفسير القمي ١ : ١٧٠ ، تفسير الصافي ٢ : ٤٣.
(٢) في المصدر : مقالاتهم.
(٣) تفسير الرازي ١٢ : ٢٠.