حَكِيمٌ (٣٨)﴾
في بيان حدّ السارق
ثمّ أنّه تعالى بعد بيان حدّ من أخذ أموال النّاس بالمحاربة وقطع الطّريق ، بيّن حدّ أخذ أموالهم خفية بقوله : ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ﴾ حدّهما الثّابت في الكتاب أنّه إذا قدرتم عليهما ﴿فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما﴾ .
سئل الصادق عليهالسلام ، في كم يقطع السّارق ؟ قال : « في ربع دينار ، بلغ الدّينار ما بلغ » ،
قيل : أ رأيت من سرق أقلّ من ربع دينار ، هل يقع عليه حين سرق اسم السّارق ، وهل هو عند الله سارق في تلك الحال ؟ فقال : « كلّ من سرق من مسلم شيئا قد حواه وأحرزه ، فهو يقع عليه اسم السّارق ، و[ هو ] عند الله سارق ، ولكن لا يقطع إلّا في ربع دينار أو أكثر ، ولو قطعت أيدي السّرّاق في ما هو أقلّ من ربع دينار لألفيت عامّة النّاس مقطعين » (١) .
وعنه عليهالسلام : « القطع من وسط الكفّ ، ولا يقطع الإبهام » (٢) .
وفي رواية : « يقطع أربع أصابع ويترك الإبهام ، يعتمد عليها في الصلاة ويغسل بها وجهه [ للصلاة]» (٣) .
وعن أمير المؤمنين عليهالسلام ، أنّه كان إذا قطع السّارق ترك له الإبهام والرّاحة ، فقيل له : يا أمير المؤمنين ، تركت عامّة يده ؟ فقال : « فإن تاب فبأيّ شيء يتوضّأ ، يقول الله ﴿فَمَنْ تابَ ... ﴾(٤) الخبر.
ثمّ علّل الحكم بقطع اليد بقوله : ﴿جَزاءً﴾ من الله لهما ﴿بِما كَسَبا﴾ من الخيانة ومكافأة لهما على ما فعلا من السّرقة ، و﴿نَكالاً﴾ وعقوبة ﴿مِنَ اللهِ﴾ رادعة لهما عن العود ، ولغيرهما من الجرأة على مثل عملهما ﴿وَاللهُ عَزِيزٌ﴾ وغالب على أمره ، يمضيه كيف يشاء ﴿حَكِيمٌ﴾ في شرائعه يحكم بما يقتضيه الصّلاح.
في الاستدلال على وجوب نصب الامام
ثمّ اعلم أنّ المتكلّمين استدلّوا بالآية على وجوب نصب الإمام ، بتقريب أنّها دالّة على وجوب إقامة الحدّ ، وقد أجمعت الامّة على أنّها للإمام خاصّة دون الرّعيّة ، فوجب وجود الإمام ، وإلّا يلزم وجود التّكليف والخطاب بدون المكلّف والمخاطب ؛ وهو محال إنّما الاختلاف بيننا وبين العامّة في أنّ نصب الإمام هل هو واجب على الرّعيّة ، أو على الله ؟ والعامّة قائلون بالأوّل ، والخاصّة بالثّاني ، لاشتراطها عندهم بشرائط لا يطّلع عليها
__________________
(١) الكافي ٧ : ٢٢١ / ٦ ، تفسير الصافي ٢ : ٣٣.
(٢) الكافي ٧ : ٢٢٢ / ٢ ، تفسير الصافي ٢ : ٣٤.
(٣) الكافي ٧ : ٢٢٥ / ١٧ ، تفسير الصافي ٢ : ٣٤.
(٤) تفسير العياشي ٢ : ٤٤ / ١٢٦٣ ، تفسير الصافي ٢ : ٣٤.