عن الباقر عليهالسلام : « إنّ اناسا من رهط بشر (١) الأدنين قالوا : انطلقوا بنا إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله نكلّمه في صاحبنا ونعذره ، فإنّ صاحبنا بريء ، فلمّا أنزل الله ﴿يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللهِ وَهُوَ مَعَهُمْ﴾ إلى قوله : ﴿وَكِيلاً﴾(٢) ، أقبلت رهط بشر فقالت : يا بشر ، استغفر الله وتب من الذّنب ، فقال : والذي أحلف به ، ما سرقها إلّا لبيد ، فنزلت : ﴿وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً﴾(٣) ، ثمّ إنّ بشرا كفر ولحق بمكّة ، وأنزل الله في الّذين أعذروا بشرا وأتوا النبيّ ليعذره ﴿وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ﴾ الآية » (٤) .
﴿لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ
النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً (١١٤)﴾
ثمّ لمّا كان المحامون عن بشر أو طعمة يتناجون في الدّفاع عنه ، كما قال : ﴿إِذْ يُبَيِّتُونَ ما لا يَرْضى مِنَ الْقَوْلِ﴾(٥) ، ردع الله النّاس عن نجوى السّوء بقوله : ﴿لا خَيْرَ﴾ للنّاس في الآخرة ، ولا فائدة ﴿فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ﴾ وإسرار بعضهم إلى بعض ﴿إِلَّا﴾ في نجوى ﴿مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ﴾ وإنفاق للمحتاجين ، لوجه الله ﴿أَوْ﴾ فعل ﴿مَعْرُوفٍ﴾ ومستحسن عند الشّرع والعقل ، كفعل الواجبات ، وترك المحرّمات ﴿أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ﴾ عند تشاجرهم ومعاداتهم.
في فضيلة إصلاح ذات البين
عن النبيّ صلىاللهعليهوآله : « أوّل أهل الجنّة دخولا أهل المعروف ، وصنائع المعروف تقي مصارع السّوء»(٦) .
وعنه صلىاللهعليهوآله : « ألا اخبركم بأفضل درجة من الصّلاة والصّدقة ؟ » ، قالوا : بلى يا رسول الله.
قال : « إصلاح ذات البين » (٧) .
وعن أبي أيّوب الأنصاري : أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قال له : « ألا أدلّك على صدقة خير لك من حمر النّعم ؟ » قال : بلى يا رسول الله. قال : « تصلح بين النّاس إذا تفاسدوا ، وتقرّب بينهم إذا تباعدوا » (٨).
وعن الصادق عليهالسلام : « الكلام ثلاثة : صدق ، وكذب ، وإصلاح بين النّاس - وفسّر الإصلاح - بأن تسمع من الرّجل كلاما يبلغه فتخبث نفسه ، فتلقاه فتقول : سمعت من فلان [ قال ] فيك من الخير : كذا وكذا ،
__________________
(١) في تفسير القمي وتفسير الصافي : بشير ، وكذا ما بعدها ، وراجع تفسير الآيتين (١٠٥ و١٠٦) من هذه السورة.
(٢) النساء : ٤ / ١٠٨ و١٠٩.
(٣) النساء : ٤ / ١١٢.
(٤) تفسير القمي ١ : ١٥٢ ، تفسير الصافي ١ : ٤٦١.
(٥) النساء : ٤ / ١٠٨.
(٦) تفسير روح البيان ٢ : ٢٨٤.
(٧ و٨) . تفسير روح البيان ٢ : ٢٨٤.