ما لا يَرْضى مِنَ الْقَوْلِ﴾ بعد فقد الرّسول صلىاللهعليهوآله ما يقيمون به أود باطلهم ، حسب ما فعلته اليهود والنّصارى بعد فقد موسى وعيسى عليهماالسلام من تغيير التّوراة والإنجيل ، وتحريف الكلم عن مواضعه » (١) .
ثمّ هدّدهم بقوله : ﴿وَكانَ اللهُ بِما يَعْمَلُونَ﴾ من النّفاق والسّرقة والبهتان ﴿مُحِيطاً﴾ ومطّلعا ، فيجازيهم أسوأ الجزاء.
﴿ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ جادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا فَمَنْ يُجادِلُ اللهَ عَنْهُمْ يَوْمَ
الْقِيامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً (١٠٩)﴾
ثمّ عاتب الله المؤمنين الّذين كانوا يذبّون عن هؤلاء المنافقين بظنّ أنّهم من المسلمين ، بقوله : ﴿ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ﴾ المخطئون ، هبوا أنّكم ﴿جادَلْتُمْ عَنْهُمْ﴾ وخاصمتم اليهودي أو قتادة ، وحفظتم عرض بني ابيرق (٢)﴿فِي الْحَياةِ الدُّنْيا﴾ والدّار الفانية ﴿فَمَنْ يُجادِلُ اللهَ﴾ ويحامي ﴿عَنْهُمْ﴾ إذا حكم عليهم بالعذاب ﴿يَوْمَ الْقِيامَةِ﴾ وفي محضر عدله ﴿أَمْ مَنْ يَكُونُ﴾ في ذلك اليوم وتلك الحالة ﴿عَلَيْهِمْ وَكِيلاً﴾ وحافظا من بأس الله وعقوبته.
﴿وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللهَ يَجِدِ اللهَ غَفُوراً رَحِيماً (١١٠)﴾
ثمّ أنّه تعالى بعد التّهديد والوعيد بالعذاب ، دعاهم إلى التّوبة بقوله : ﴿وَمَنْ يَعْمَلْ﴾ عملا ﴿سُوءاً﴾ من السّرقة ورمي الغير بها ﴿أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ﴾ بارتكاب معصية الله ، كالحلف به كذبا ﴿ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللهَ﴾ ويتوب إليه ﴿يَجِدِ اللهَ غَفُوراً﴾ لمعاصيه ﴿رَحِيماً﴾ ومتفضّلا عليه.
﴿وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْماً فَإِنَّما يَكْسِبُهُ عَلى نَفْسِهِ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً (١١١)﴾
ثمّ رغّب سبحانه في التّوبة بقوله : ﴿وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْماً﴾ من الآثام ، ويحصّل بكدّ يمينه وبسوء سريرته ذنبا من الذّنوب ﴿فَإِنَّما يَكْسِبُهُ﴾ ويطلبه بجدّه ضررا ﴿عَلى نَفْسِهِ﴾ لا يتعدّى ذلك الضّرر إلى غيره ﴿وَكانَ اللهُ﴾ بما يكسبه من الإثم وما يرتكبه من الذّنب ﴿عَلِيماً﴾ وفي ما يفعله من المجازاة ﴿حَكِيماً﴾ لا يجاوز عن حدّ استحقاقه.
﴿وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتاناً وَإِثْماً
مُبِيناً (١١٢)﴾
__________________
(١) الاحتجاج : ٢٤٩ ، تفسير الصافي ١ : ٤٦٢.
(٢) راجع تفسير الآيتين (١٠٥ و١٠٦) من هذه السورة.