﴿وَلَعَنَهُ﴾ وأبعده من رحمته ﴿وَأَعَدَّ﴾ وهيّأ ﴿لَهُ﴾ في جهنّم ﴿عَذاباً عَظِيماً﴾ لا يقادر قدره.
في ذكر قصّة ارتداد مقيس ولحوقه بالمشركين
روي أنّ مقيس بن صبابة (١) الكناني ، كان قد أسلم هو وأخوه هشام (٢) ، فوجد أخاه قتيلا في بني النجّار ، فأتى رسول الله صلىاللهعليهوآله وذكر القصة ، فأرسل صلىاللهعليهوآله معه الزبير بن العيا (٣) الفهري ؛ وكان من أصحاب بدر ، إلى بني النجار يأمرهم بتسليم القاتل إلى مقيس ليقتصّ منه إن علموه ، وبأداء الدّية إن لم يعلموا ، فقالوا : سمعا وطاعة لله ورسوله ، لا نعلم له قاتلا ، ولكنّا نؤدّي ديته ، فأتوه بمائة من الإبل ، فانصرفا راجعين إلى المدينة ، حتّى إذا كانا ببعض الطريق أتى الشّيطان مقيسا فوسوس إليه فقال : أتقبل دية أخيك فيكون مسبّة (٤) عليك ، اقتل هذا الفهري الذي معك فتكون نفس مكان نفس ، وتبقى الدّية فضيلة ، فرماه بصخر فشدخ رأسه فقتله ، ثمّ ركب بعيرا من الإبل وساق بقيّتها إلى مكّة كافرا ، وهو يقول :
قتلت به فهرا وحمّلت عقله |
|
سراة بني النّجّار أصحاب قارع (٥) |
و أدركت ثأري واضطجعت موسّدا |
|
و كنت إلى الأوثان أول راجع |
فنزلت الآية. وهو الذي استثناه رسول الله صلىاللهعليهوآله يوم فتح مكّة ممّن آمنه ، فقتل وهو متعلّق بأستار الكعبة (٦) .
عن الصادق عليهالسلام ، أنّه سئل عن المؤمن يقتل المؤمن متعمّدا ، أله التوبة ؟ قال : « إن كان قتله لإيمانه فلا توبة له ، وإن كان قتله لغضب أو لشيء من أشياء الدّنيا ، فإنّ توبته أن يقاد منه ، وإن لم يكن علم به انطلق إلى أولياء المقتول فأقرّ عندهم بقتل صاحبهم ، فإن عفوا عنه فلم يقتلوه أعطاهم الدّية ، واعتق نسمة ، وصام شهرين متتابعين ، وأطعم ستّين مسكينا توبة إلى الله عزوجل » (٧) .
وعنه عليهالسلام : « لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دما [ حراما ] » .
وقال : « لا يوفّق قاتل المؤمن متعمّدا للتّوبة » (٨) .
__________________
(١) في تفسير أبي السعود : ضبابة.
(٢) في النسخة : وولده هشام ، تصحيف صوابه من تفسير أبي السعود ، وراجع : تاريخ الطبري ٢ : ٦٠٩ ، الكامل في التاريخ ٢ : ٢٥٠.
(٣) كذا في النسخة ، وفي تفسير أبي السعود وروح البيان : الزبير بن عياض ، ولم نجده في أصحاب بدر ، وفي مجمع البيان ٣ : ١٤١ : قيس بن هلال ، وراجع : بحار الأنوار ٢٢ : ٢١.
(٤) أي يكون عارا عليك وسببا للسّباب.
(٥) في تاريخ الطبري ٢ : ٦٠٩ ( أصحاب فارع ) وفارع : حصن لبني النجار.
(٦) تفسير أبي السعود ٢ : ٢١٦ ، تفسير القرطبي ٥ : ٣٣٣ مع أختلاف في كلمات الشعر.
(٧) الكافي ٧ : ٢٧٦ / ٢ ، تفسير الصافي ١ : ٤٤٨.
(٨) الكافي ٧ : ٢٧٢ / ٧ ، تفسير الصافي ١ : ٤٤٨.