أصدقاء ﴿حَتَّى﴾ يؤمنوا ، وتحقّقوا إيمانهم بأن ﴿يُهاجِرُوا﴾ عن بلاد الشّرك إلى دار الإسلام ﴿فِي سَبِيلِ اللهِ﴾ ولنصرة دينه ، وخدمة الرّسول ، لا للأغراض الدّنيويّة ﴿فَإِنْ تَوَلَّوْا﴾ وأعرضوا عن موافقتكم في الإيمان ، والهجرة عن الأوطان بخلوص النّيّة ﴿فَخُذُوهُمْ﴾ إذا قدرتم عليهم ﴿وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ﴾ من الحلّ والحرم ﴿وَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ﴾ لأنفسكم ﴿وَلِيًّا﴾ ولا صديقا ﴿وَلا نَصِيراً﴾ ولا معينا بوجه أبدا ، ما داموا على حالة الكفر والشّقاق.
﴿إِلاَّ الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ
صُدُورُهُمْ أَنْ يُقاتِلُوكُمْ أَوْ يُقاتِلُوا قَوْمَهُمْ وَلَوْ شاءَ اللهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ
فَلَقاتَلُوكُمْ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَما جَعَلَ اللهُ لَكُمْ
عَلَيْهِمْ سَبِيلاً (٩٠)﴾
ثمّ استثنى من الكفّار الّذين أمر بقتلهم طائفتين ، أمّا الطّائفة الاولى : فبقوله : ﴿إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ﴾ وينتهون ﴿إِلى قَوْمٍ﴾ كافرين يكون ﴿بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ﴾ وعهد أكيد ، أن لا تتحاربوا.
قيل : هم الأسلميّون ، فإنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله وادع (١) وقت خروجه إلى مكّة هلال بن عويمر الأسلمي على أن لا يعينه ولا يعين عليه ، وعلى أنّ من وصل إلى هلال ولجأ إليه ، فله من الجوار مثل الذي لهلال(٢).
وعن ابن عبّاس رضى الله عنه : هم بنو بكر بن زيد مناة (٣) .
وعن قتادة : هم خزاعة وخزيمة بن عبد مناة (٤) .
وأمّا الطّائفة الثانية : فبقوله : ﴿أَوْ جاؤُكُمْ﴾ حال كونهم ﴿حَصِرَتْ﴾ وضاقت ﴿صُدُورُهُمْ﴾ عن ﴿أَنْ يُقاتِلُوكُمْ﴾ مع قومهم ، لكونكم مسلمين معاهدين معهم ﴿أَوْ يُقاتِلُوا قَوْمَهُمْ﴾ معكم ، لكونهم على دينهم ، فهم لا لكم ولا عليكم.
في معاهدة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم مع بني مدلج
قيل : هم بنو مدلج ، عاهدوا المسلمين أن لا يقاتلوهم ، وعاهدوا قريشا أن لا يقاتلوهم ، فضاقت صدورهم عن قتال المسلمين للعهد الذي بينهم وللرّعب الذي قذف الله في قلوبهم ، وضاقت صدورهم عن قتال قومهم لأنّهم كانوا على دينهم (٥) .
ثمّ منّ الله على المسلمين بكفّ أذى المعاهدين عنهم بقوله : ﴿وَلَوْ شاءَ اللهُ﴾ تسليط الكفّار عليكم
__________________
(١) أي صالح وهادن وسالم.
(٢) تفسير روح البيان ٢ : ٢٥٧.
(٣) تفسير الرازي ١٠ : ٢٢٢.
(٤) تفسير الرازي ١٠ : ٢٢٣ ، عن مقاتل.
(٥) تفسير روح البيان ٢ : ٢٥٧.