ضائعين (١) .
ويؤيّده ما رواه الكليني رحمهالله مرسلا : عن النبيّ صلىاللهعليهوآله أنّه قال لرجل من الأنصار أعتق مماليكه لم يكن له غيرهم : « ترك صبية صغارا يتكفّفون النّاس » (٢) .
والأظهر هو التّفسير الأوّل ، وإن أمكن القول بعموم الملاك لمن له رعاية الأيتام من الأولياء والأوصياء والأجانب والموصين.
﴿إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَسَيَصْلَوْنَ
سَعِيراً (١٠)﴾
ثمّ بالغ سبحانه في تأكيد وجوب حفظ أموال الأيتام بتهديد آكلي أموالهم ظلما بالعقوبة بالنّار في الآخرة ، بقوله : ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ﴾ ويصرفون ﴿أَمْوالَ الْيَتامى﴾ في محاويجهم على وجه يكون أكلهم وصرفهم ﴿ظُلْماً﴾ على اليتامى ، وتعدّيا عن الحقّ ، مثل كون الأكل زائدا على اجرة المثل ، فهم ﴿إِنَّما يَأْكُلُونَ﴾ ويدخلون ﴿فِي بُطُونِهِمْ﴾ ويملأون أجوافهم ﴿ناراً﴾ لا توصف شدّة حرّها.
وقال كثير من المفسّرين : إنّ المراد بالنّار ما يؤدّي إليها مجازا بعلاقة السّببيّة (٣) .
وفيه : أنّه لا وجه له مع إمكان إرادة الحقيقة ، لما ثبت من أنّ لكلّ شيء صورة برزخيّة ، فكما أنّ للصّلاة صورة وللصّوم صورة ، وللقرآن صورة ، يمكن أن تكون لمال اليتيم المحرّم صورة النّاريّة ، فأهل البصيرة يرون أنّ من يأكله يأكل النّار (٤) .
عن أبي بردة ، عن النبي صلىاللهعليهوآله أنّه قال : « يبعث الله تعالى قوما من قبورهم تتأجّج أفوههم نارا ، فقيل : من هم ؟ فقال صلىاللهعليهوآله : « أ لم تر أنّ الله يقول : ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً ﴾(٥) .
وعنه صلىاللهعليهوآله : « أنّ آكل مال اليتيم يبعث يوم القيامة والدّخان يخرج من قبره ومن فيه وأنفه واذنيه وعينيه ، فيعرف النّاس أنّه آكل مال اليتيم » (٦) .
وعن القمّي رحمهالله : عن الصادق عليهالسلام ، قال : « قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : لمّا اسري بي إلى السّماء رأيت قوما تقذف في أجوافهم النّار وتخرج من أدبارهم ، فقلت : من هؤلاء يا جبرئيل ؟ فقال : هؤلاء [ الّذين ]
__________________
(١) تفسير الرازي ٩ : ١٩٩.
(٢) الكافي ٧ : ٩ / ١٠.
(٣) راجع : تفسير الرازي ٩ : ٢٠٠ ، تفسير روح البيان ٢ : ١٧٠.
(٤) جوامع الجامع : ٨٠ ، تفسير الرازي ٩ : ٢٠٠.
(٥) تفسير البيضاوي ١ : ٢٠٣ ، تفسير أبي السعود ٢ : ١٤٨.
(٦) تفسير أبي السعود ٢ : ١٤٨.