الْعَذابِ﴾ في القيامة.
وعن القمّي ، عن الباقر عليهالسلام : « أي ببعيد من العذاب » (١) .
﴿وَلَهُمْ﴾ بالاستحقاق ﴿عَذابٌ﴾ بالنّار ﴿أَلِيمٌ﴾ غايته ، بسبب كفرهم ، وكتمانهم ، وتدليسهم.
عن ابن عبّاس رضي الله عنه : هم اليهود ، حرّفوا التّوراة ، وفرحوا بذلك ، وأحبّوا أن يوصفوا بالدّيانة والفضل (٢) .
وروي عن رسول الله صلىاللهعليهوآله أنّه سأل اليهود عن شيء ممّا في التّوراة فكتموا الحقّ ، وأخبروه بخلافه ، وأروه أنّهم قد صدّقوه ، واستحمدوا إليه ، وفرحوا بما فعلوا (٣) .
وعن أبي سعيد الخدري ، قال : نزلت في رجال من المنافقين كانوا يتخلّفون عن رسول الله صلىاللهعليهوآله في الغزو ، ويفرحون بقعودهم ، فإذا قدم اعتذروا إليه فيقبل عذرهم ، فطمعوا أن يثني عليهم كما كان يثني على المسلمين المجاهدين (٤) .
أقول : يحتمل أنّه قرأ رسول الله صلىاللهعليهوآله هذه الآية في أولئك المنافقين ، فتوهّم (٥) أنّها نزلت فيهم.
﴿وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٨٩)﴾
ثمّ أعلن سبحانه بعظم سلطانه ، وسعة قدرته ازديادا للرّهبة في القلوب ، بقوله : ﴿وَلِلَّهِ﴾ وحده ﴿مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ﴾ والسّلطنة الاستقلاليّة التّامّة فيهما ، بحيث لا يخرج من سلطانه شيء من الأشياء ، وذرّة من الذّرّات ﴿وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ﴾ من القهر والغلبة والتّعذيب ﴿قَدِيرٌ﴾ لا يدفعه شيء عن إنفاذ إرادته ، ومع ذلك كيف يجترى العاقل على عصيانه ؟
﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ لَآياتٍ لِأُولِي
الْأَلْبابِ (١٩٠)﴾
ثمّ أكّد سبحانه تخصيصه بالسّلطنة التّامّة ، والقدرة الكاملة ، بقوله : ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ﴾ السّبع أو التّسع ، وإنشائها على ما هي عليه من ذواتها ، وصفاتها ، وكواكبها ، وحركاتها ، وسائر أمورها التي تحار فيها العقول.
عن أمير المؤمنين عليهالسلام ، قال في صفة السّماوات : « جعل سفلاهنّ موجا مكفوفا ، وعلياهنّ سقفا
__________________
(١) تفسير القمي ١ : ١٢٩ ، تفسير الصافي ١ : ٣٧٧.
(٢ و٣) . تفسير أبي السعود ٢ : ١٢٥.
(٤) تفسير الرازي ٩ : ١٣٢.
(٥) أي أبو سعيد الخدري.