قائمة الکتاب
إعدادات
علم أصول الفقه في ثوب الجديد
علم أصول الفقه في ثوب الجديد
تحمیل
لا ترجيح بلا مرجح ، ويختلف نوع المرجح تبعا لهوية ما يراد الترجيح بينهما ، ولا خلاف بين القائلين بالترجيح في أن كل ما نص عليه الشارع من المرجحات بين الخبرين فهو حجة لازمة يجب التعبد به ، ولكنهم اختلفوا : هل يجب الوقوف عند المرجحات المنصوصة والاقتصار عليها ، أو يجوز التعدي عنها إلى غيرها ، وهذا هو الموضوع الأساسي لبحثنا في هذا الفصل ، ونبدأ بالحديث عن المرجحات المنصوصة وهي :
١ ـ الشهرة الروائية دون الفتوائية والعملية. (انظر فصل الاجماع ، فقرة اقسام الشهرة) وقد جاء في «مقبولة» ابن حنظلة : «ويترك الشاذ الذي ليس بمشهور» والمراد بالخبر المشهور ما شاع وذاع عند أهل الحديث ، ويقابله الشاذ ، وقال الشيخ الأنصاري : «ان سيرة العلماء وطريقتهم في باب الترجيح مستمرة على تقديم الخبر المشهور على الشاذ».
والشهرة تدعم سند الرواية وتقوّيه. وفي كتاب «جمع الجوامع» للسنّة : «العمل بالراجح واجب .. وإذا كثر رواة أحد المتعارضين رجح على الآخر لأن الكثرة تفيد القوة». وفي مستصفى الغزالي : «من المرجحات أن يكون رواة أحد الخبرين أكثر ، فالكثرة تقوي الظن».
٢ ـ الأحدث ، والمراد به أن يكون صدور الخبر متأخرا عن صدور ما يعارضه ، فقد روي أن الإمام (ع) سأل بعض أصحابه : «أرايت لو حدثتك بحديث ، ثم جئتني بعد ذلك فسألتني عنه فأخبرتك بخلاف ذلك ، بأيهما كنت تأخذ؟ قال : بأحدثهما وأدع الآخر. فقال له الإمام : قد أصبت».
وذكر الأنصاري هذا الخبر وآخر بمعناه دون أن يعلق عليهما بشيء على غير عادته ، وأهمل النائيني الترجيح بالأحدث فيما لديّ من مصادر ، وقال الآغا رضا في تعليقه على الرسائل : «لم يتعرض المصنف للترجيح بالأحدثية ، كما أن الأصحاب أيضا لم يلتفتوا اليه في مقام الترجيح .. وليس على المكلف الأخذ بالأحدثية ، بل عليه التحري والأخذ بما هو أقرب إلى الواقع باستعمال سائر المرجحات ، كيف لا؟ وإلا لم يبق للتراجيح المنصوصة موقع في سائر الروايات».
وهذه الشهادة من صاحب «مصباح الفقيه» تعزز ما قاله السيد الصدر برواية