٣ ـ نفس الفرض ، ولكن يتعذر العمل بالاستصحابين معا من جهة العجز ، كما أن طرحهما معا يستدعي المخالفة القطعية. والحكم هنا التخيير ، ومثاله أن يعلم المكلف بوجوب الإنفاق على والده ووجوب الصدقة على الفقير بدرهم ، وهو لا يملك من الدراهم إلا واحدا. قال السيد الحكيم في شرحه للكافية : «يستصحب وجوب الأمرين معا ، ويتخير بينهما إن لم يكن أحدهما أهم ، وإلا تعين».
٤ ـ أيضا أن يكون الشك في كل منهما غير مسبب عن الشك في الآخر ، ولكن العمل بالاستصحابين لا يستدعي المخالفة القطعية ، وان استلزم المخالفة الالتزامية. والحكم في هذا الفرض العمل بالاستصحابين معا ، ومثاله أن يتوضأ المحدث بإناء من إناءين فيهما ماء : أحدهما نجس دون الآخر ، فله والأمر كذلك ، أن يستصحب طهارة أعضاء الوضوء ، وأيضا يستصحب بقاء الحدث ، ونتيجة ذلك أن عليه أن يتوضأ ثانية ، ولا يجب عليه ان يطهر أعضاء الوضوء مع العلم بأنه لو كان الماء طاهرا في الواقع لارتفع الحدث ولا يجب الوضوء ، وانه لو كان الماء متنجسا واقعا تنجست الأعضاء وعليه أن يطهرها ، ولكن هذه المخالفة ليست عملية بدليل انه لو ترك الاستصحابين معا لوجب عليه أيضا الوضوء لقاعدة الاشتغال ، ولا يجب عليه تطهير الأعضاء لقاعدة الطهارة ، فالنتيجة واحدة على كل حال استصحب أو لم يستصحب.
والخلاصة ان الاستصحابين المتعارضين تارة لا يجريان معا ، وقد يجريان معا تارة أخرى ، وحينا يجري أحدهما دون الآخر ، ورابعا يجريان معا مع التخيير.