تقابل الأصول
الحديث في هذا الفصل يتناول تقابل الاستصحاب مع البراءة والتخيير والاشتغال. وأيضا يتناول تقابل فرد من أفراد الاستصحاب مع فرد آخر منه. ولا يتصور اجتماع البراءة موردا مع التخيير والاحتياط لأن مورد البراءة الشكّ في التكليف غير دوران الأمر بين محذورين : الوجوب والحرمة ، ومورد التخيير دوران الأمر بين هذين المحذورين ، ومورد الاحتياط الشك في المكلف به بعد العلم بالتكليف ، وأين هذا من الشك في التكليف الذي هو مورد البراءة؟
بين الاستصحاب والأصول الثلاثة
دليل الاستصحاب واضح كل الوضوح على تنزيل الواقع المشكوك منزلة الواقع المعلوم ، وان الحكم فيهما واحد في مقام العمل ، وأي شيء أوضح في الدلالة على ذلك من قول الإمام (ع) : «لا تنقض اليقين بالشك. وأبق ما كان على ما كان؟» وهل من تفسير للأمر بالبقاء على اليقين والنهي عن نقضه بالشك إلا المنع والنهي عن العمل بأصل البراءة والتخيير والاحتياط وما أشبه ، مع وجود العلم السابق وعروض الشك اللاحق؟. وهذا هو معنى حكومة الاستصحاب وتقديمه على هذه الأصول.
وبكلام آخر ان الأصول الثلاثة : البراءة والتخيير والاشتغال ترتكز على الشك في الواقع ، والاستصحاب أصل احترازي يثبت الواقع تنزيلا وتعبدا ، ويمحو الشك فيه ويجعله كالعدم من حيث الآثار الشرعية ، وبهذا يرتفع حتما موضوع