وفي رأينا نحن أن العقد لا يجب الوفاء به إلا إذا وقع على شكل خاص بين المتعاقدين ، ثم أجرى زيد عقدا مع آخر ، وشككنا : هل توافر في هذا العقد الشكل الذي نشترطه نحن ولا يوجبه زيد كي يكون صحيحا عنده وعندنا ، أو أن العقد وقع على غير الشكل الذي نريد كي يكون صحيحا عنده دون الواقع في نظرنا؟.
فبناء على القول بأن المراد من الحمل على الصحة هو الصحة الواقعية لا الفاعلية يجب الحكم بصحة العقد المشكوك في صحته ، وبناء على القول بأن المراد الصحة باعتقاد الفاعل فلا يسوغ الحكم بصحة العقد المذكور.
والحق أن كل فعل أو عقد يقبل الصحة والفساد فهو موضوع لأصل الصحة الواقعية دون الفاعلية لبناء العقلاء والاجماع القائم على الكبرى الكلية لا الجزئيات بشهادة النائيني الذي قال برواية الخراساني : «يكفينا من الأدلة على أصل الصحة الاجماع المحقق .. والظاهر أن تكون نفس أصالة الصحة معقد الاجماع على الكبرى الكلية ، ولا يضر التمسك بالاجماع وقوع الاختلاف في بعض الموارد الجزئية .. وأيضا الظاهر أن يكون المراد من الصحة في معقد الاجماع الصحة الواقعية لا مجرد الصحة عند الفاعل».
العقد وأصل الصحة
الشروط الأساسية للعمل بأصل الصحة وجريانه في العقد هي أولا احراز الموضوع والعنوان الذي تعلق به الأمر وعليه يترتب الأثر ، ثانيا قابلية الموضوع لعروض الصحة والفساد ، ثالثا أهلية المتعاقدين للمعاملة ، والعوضين للتمليك والتملك ، ومع الشك في شيء من ذلك تجري الاصول الموضوعية ، ولا يجري أصل الصحة لأن الأصل أو الحكم لا يثبت موضوعه ، وفيما يلي التفصيل :
يتكون العقد بجملته من عناصر ثلاثة : الصيغة ، والمتعاقدين ، وهما الموجب والقابل ، والعوضين ، وهما الثمن والمثمن ، ولكل واحد من هذه الثلاثة شروط ، فمن شروط الصيغة ـ مثلا ـ تطابق الايجاب والقبول ، ومن شروط المتعاقدين أن يكون كل منهما عاقلا بالغا رشيدا مختارا عالما بحقيقة الثمن والمثمن ، ولكن العقل والبلوغ والرشد شروط أساسية ترتكز عليها أهلية المتعاقد ، وهي بهذا