هذا الحكم أخلاقي!. يا سبحان الله! وهل أحكام الاسلام غير أخلاقية؟. والرد الاقوى هو أن النهي عن سوء الظن معناه أن العامل لم يرتكب حراما بعقيدته وأنه غير آثم. وهذا شيء ، والحكم بصحة عمله شيء آخر.
وأيضا استدلوا بما جاء عن الآل الأطهار (ع) ومنها : «لا تظنن بكلمة خرجت من أخيك سوءا ، وأنت تجد لها في الخير سبيلا .. من اتهم أخاه فهو ملعون ملعون .. إذا اتهم المؤمن أخاه انماث الايمان من قلبه كما ينماث الملح في الماء .. كذّب سمعك وبصرك عن أخيك ، فإن شهد عندك خمسون قسامة انه قال ، وقال هو : لم أقل فصدقه وكذبهم .. ان اشتبه عليك أمر بعض الناس فكلهم إلى عالم الغيب ، وقل : اللهم اني محب لمن احببت انت ورسولك ، ومبغض لمن أبغضت أنت ورسولك» إلى غير ذلك كثير.
وعلق الأنصاري على هذه الأخبار بقوله : هذا غير ما فيه ، فإن الذي يهمنا أن العقد الصادر من العاقد هل هو صحيح أو فاسد؟ وهذه الأخبار ـ ما زال الكلام للأنصاري ـ تقول : ما يصدر عن الفاعل أحمله على الوجه الحسن لا على الوجه القبيح.
وقول الأنصاري صواب في عالمه ، ولكن لا يمنعنا من القول : ان هذه الأخبار بخاصة قول الإمام (ع) : «كذّب سمعك وبصرك» تدل بصراحة على أن الإسلام يبحث عن الإيمان حتى في قلب الكافر ، وعن الصدق حتى في نفس الكاذب ، وعن الخير حتى في مقاصد الشرير وأهدافه .. فهل يتعظ بهذا ويذكر من يفسّق الناس ويكفرهم بلا وزن وكيل وعد؟.
وعلى أية حال ، فإن أمكن النقاش والقال في الأدلة السمعية فلا محل للكلام في بناء العقلاء والسيرة القطعية لكل العلماء من كل مذهب وفي كل زمان .. أبدا لا شيء ناقص وفاسد لذاته وفي عالمه بمقتضى الأصل جمادا كان أم نباتا أم حيوانا أم انسانا ، فكل موجود على طبيعته ، وكل عدم يبقى في عالم الغيب تماما كالمطلق يبقى على اطلاقه حتى يثبت العكس ، فهل في هذا نظر وكلام؟