فإذا تصرف المشتري في سلعة ابتاعها من صاحب اليد تصرف المالك في ملكه فعليه بطبيعة الحال أن يعامل صاحب اليد معاملة المالك لما في يده وإلا بطل تصرفه هو في السلعة وناقض نفسه بنفسه.
اما الفقرة الثانية فهي : «ولو لم يجز ذلك ما قام للمسلمين سوق» فإن هذا التعليل إمضاء متين وصريح لما عليه الناس ، يستمد قوته ومتانته من صميم الحياة ونظامها وقوامها ، ومنه نستكشف أن اليد أمارة حيث لا تعبّد وعبودية في طريقة أهل العرف ، بل لا بد من سبب معقول ومقبول ، ولا سبب هنا نتصوره ونتعقله أقرب وأوثق من أن اليد تكشف عن الملكية. ومرة ثانية نقول بشرط الجهل بحالها وعدم العلم بأنها أمانة أو عارية أو غاصبة.
اليد عند التخاصم
اليد تشهد لصاحبها بأنه مالك لما في يده بشرطها وشروطها ، فإن نازعه فيه منازع فعليه الاثبات ، ولو عكسنا الأمر وكلفنا صاحب اليد بالاثبات لمهدنا السبيل إلى الفوضى ، وتكثير دعاوى الزور ، واحتاجت قرية صغيرة لعشرات القضاة.
أجل ، تدل اليد على الملك بظاهر الحال ، وهذا الظاهر قوي يطرح معه احتمال الخلاف في مقابل الأصل العملي ، فإذا ادعى مدع على صاحب اليد وكان الأصل العملي معه فلا نتمسك بهذا الأصل ، بل نسقطه ، ونتمسك بظاهر اليد ، وعلى المدعي أن يثبت دعواه بمثبت أقوى من ظاهر اليد ، والمثبت الأقوى هنا إقرار صاحب اليد ، والبيّنة العادلة.
استصحاب حال اليد
قلنا : ان اليد أمارة ظاهرة في الملك بشرط الجهل بحالها ، فإذا علمنا بهذه الحال ، وأن صاحب اليد كان قد استأجر أو اغتصب العين التي بيده ونحو ذلك من العارية وغيرها ، ثم شككنا : هل انتقلت هذه العين بسبب مشروع الى صاحب اليد ، إذا كان ذلك استصحبنا حال اليد وصفتها وأبقينا ما كان على ما كان