مدلول الامارة جميع آثاره ولوازمه ، شرعية كانت أم عقلية أم عرفية. أما الأصل العملي فلا يثبت شيئا ، أو يثبته بوجوده الشرعي والتعبدي من الوجهة العملية ، ومعنى هذا أن الأصل العملي ينتمي إلى الشارع لا إلى الواقع الطبيعي ، ويرفض كل ما لا يمد إلى الشرع والجعل بسبب.
إن وظيفة الأمارة ايجابية لأنها تحكي عن الشيء بدلالتها الذاتية ، وإذا كانت هذه الدلالة ظنية لا قطعية فإن ظنها من حيث الحجة والاعتبار تماما كالعلم بعد قيام الدليل القاطع على الاعتماد عليه والعمل به. وهنا يكمن السر في أن الأصل المثبت حجة في الأمارات دون الاصول العملية.
التنبيه السابع
الحادث الواحد
كان الله ولم يكن معه شيء ، ما في ذلك ريب ، ومعنى هذا أن كل شيء ما خلا الله فهو مسبوق بالعدم ، فإذا شككنا في حدوث شيء نفيناه بأصل العدم بلا ريب وخلاف.
وإذا علمنا بأنه قد وجد يقينا ، وشككنا في تاريخ وجوده ومبدأ حدوثه ـ نستصحب عدم وجوده في آن سابق نحتمل حدوثه فيه دون أن نثبت تأخره عن الآن المشكوك مع العلم بأن النتيجة واحدة في الظاهر ، ولكنها في الواقع ليست كذلك .. لأن الأثر الشرعي قد يترتب على عنوان التأخر لا على عدم الوجود في السابق كيف اتفق ، والتأخر صفة وجودية ، ولازم حتمي من لوازم عدم وجود الحادث في الآن السابق ، فإذا أثبتناه بهذه الملازمة وقعنا في اشكال الأصل المثبت من حيث نريد أو لا نريد ، وأيضا لا نثبت مبدأ حدوثه في الزمن الذي علمنا بوجوده فيه لأن مبدأ الحدوث أيضا صفة وجودية ، فنقع في محذور التأخر.
واليك المثال التالي :
رأينا ميتا على قارعة الطريق ، وشككنا : هل مات الساعة أو منذ ساعات؟