السليم ، ومعنى هذا السليم أنه لا يحكي بطريق من الطريق ، ولا يثبت حكما أو موضوعا في الخارج لا مباشرة ولا بالواسطة ، وكل ما في الأمر وجوب العمل بمقتضاه تعبدا وكفى. قال الأنصاري : «هذا الأصل ـ أي غير المثبت ـ لا يثبت أمرا في الخارج حتى يترتب عليه حكمه الشرعي ، بل مؤداه أمر الشارع بالعمل على طبق مجراه شرعا». واخذ النائيني هذه العبارة وأوردها بقوله : «الأصل العملي هو مجرد تطبيق العمل على مؤدى الأصل».
والاصل المثبت على العكس ، يثبت في الخارج أمرا شرعيا ، ولكن بطريق غير شرعي كالملازمة العقلية والعادية ، وفيما يلي نذكر بقصد التوضيح مثالين : الأول للأصل السليم غير المثبت ، والثاني للمثبت العليل.
المثال الاول أن تكون على يقين من الوضوء ثم تشك في عروض الناقض ، فتستصحب بقاء الوضوء ، وهذا الاستصحاب ـ كما ترى ـ لا يثبت شيئا بحكاية ورواية من ناقل ، ولا بملازمة من عقل أو عرف ، وانما أوجب العمل حين الشك على وفق العمل حين اليقين وكفى.
المثال الثاني ان تعلم برطوبة ثوبك وملاقاته للنجس ، وبعد ذهاب الرطوبة تشك : هل حدثت الملاقاة حال الرطوبة وسرت النجاسة إلى الثوب ، أو انها حدثت بعد الرطوبة ولا سراية؟. والرطوبة بما هي ليست مجعولة للشارع ولا شرطا للنجاسة ، وانما سراية النجاسة من النجس إلى الثوب هي الشرط الشرعي.
فإذا استصحبت بقاء الرطوبة إلى زمن الملاقاة ثبتت السراية بالملازمة الحتمية التي لا تنالها يد الشارع سلبا ولا ايجابا ، وهذا الأصل ـ كما ترى ـ اثبت أمرا شرعيا ، وهو عدم جواز الصلاة وصحتها بهذا الثوب ، أثبت ذلك بطريق غير شرعي أي بالملازمة الحتمية ، ومن هنا جاء الفساد والبطلان.
الأخبار والأصل المثبت
كل من تحدث عن الاستصحاب والأصل المثبت من المؤلفين قال وكرر : إذا كان المدرك الأول لحجة الاستصحاب واعتباره هو التعبد الشرعي والأخبار الشرعية فلا يجوز العمل به إذا استلزم الأصل المثبت ، وأما على القول بحجة