قال الأنصاري :
«نفرض أن شخصا واحدا أدرك الشريعتين». وما هو الباعث على هذا الفرض؟ وكيف نفرض
شيئا نعلم سلفا باستحالة العثور عليه؟. ان هذا الفرض ونحوه لا يصح عند أهل العلم
حتى من الوجهة النظرية.
وقال آخر : إذا
وردت آية في كتاب الله أو رواية في سنّة نبيه تحكي عن ثبوت حكم في شريعة سابقة ـ
أثبتناه نحن في شريعة الإسلام بالاستصحاب ، ومن ذلك على سبيل المثال قوله تعالى : (وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ
النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ) ـ ٤٥ المائدة».
الجواب ، أولا
: ان الحكم في هذه الآية وغيرها من الأحكام ثبت بقول نبينا محمد (ص) وفعله ،
وبإجماع المسلمين ، وضرورة الدين لا بالاستصحاب وغيره.
ثانيا : هل
بلغت شريعة الاسلام بأحكامها ومبادئها وقواعدها من الفقر والجفاف ـ الى هذا الموقف
الذي تبحث فيه عن تراب الهالكين؟.
وبعد ، فنحن
المسلمين لا ندين إلا بالكتاب والسنة ، فهما الأصل الأصيل للإسلام عقيدة وشريعة ،
ولا يحل لمسلم أن يستصحب إلا بإذن صريح منهما ، ولا شيء أدل على ذلك من سيرة
الأئمة والصحابة والتابعين والفقهاء قديما وحديثا. وعن النبي الأعظم (ص) أنه قال :
«ما من شيء يقربكم من الجنة إلا أمرتكم به ، ولا من شيء يبعدكم عن النار إلا
نهيتكم عنه». وفي أصول الكافي عن الإمام الصادق (ع) : «ما من شيء إلا وفيه كتاب
وسنة». أبعد هذا نستصحب شريعة الأمم البائدة ، والقرون الخالية؟.
وقول الرسول
الأعظم (ص) : انه أمرنا بكل ما أراد الله ، ونهانا عن كل ما حرم الله ، واضح
كالشمس في أن الله سبحانه قد وضع عنا كل تكليف إلا أمر الإسلام ونهيه ، وأنه تعالى
لا يؤاخذنا على شيء ، ولا يسألنا عن شيء إلا عما أمرنا به ونهانا عنه خاتم
الأنبياء وسيد الكونين. وليت شعري : هل تحتاج هذه البديهة إلى دليل؟
وبعد أن تكلم
النائيني عن استصحاب الشريعة السابقة وأجهد نفسه ختم التحقيق والتدقيق بقوله : «نعم
يمكن أن يقال : انه لا جدوى من استصحاب حكم الشريعة السابقة ، فانه على فرض بقائه
فانما يكون بقاؤه بإمضاء رسول الله