ثانيا : ان الموضوع متعدد ، فلا يشمله دليل الاستصحاب. وجوابه الموضوع واحد في جوهره وهويته واقعا وعرفا. وسبقت الاشارة.
ثالثا : ان استصحاب الحكم التقديري أو المشروط معارض بضده حيث نعلم علم اليقين بطهارة الزبيب واباحته قبل الغليان وبعده نشك فنستصحب ، ونبقي ما كان على ما كان ، واذا تعارض هذا الاستصحاب مع الاستصحاب التقديري سقطا معا وخلا الجو لأصل الإباحة والطهارة.
وجوابه ان الشك في الطهارة والاباحة في المثال المذكور مسبب عن الشك في أن الشارع : هل جعل الغليان غاية ونهاية للحكم بالطهارة والاباحة ، أو أن الحكم بهما على اطلاقه لا يحده الغليان ولا يقيده. ومن المتفق عليه أن الأصل في السبب حاكم ومقدم على الأصل في المسبب.
وبعد ، فلا يسوغ بحال أن نرفع اليد عن الأحكام الشرعية الثابتة باليقين لمجرد أن الشمس غيرت من ألوان موضوعاتها ، أو قلصت من حجمها ، وما إلى ذلك مما يحدث لتقلبات البيئة والطبيعة ـ وإلا تعددت الأحكام وتناقضت لأدنى سبب.
التنبيه الخامس
الاستصحاب والشرائع البائدة
يبحث هذا التنبيه ـ كما هو في رسائل الأنصاري ـ عن مسألة نظرية بحتة ، وفرضية يعلم الباحث سلفا أنها ممتنعة الوجود ، وانها لا تمد الى الحياة الدنيا والآخرة بسبب ، وما أشرنا اليها إلا للتنويه بعدم جدواها. وموضوع هذا التنبيه البحث في استصحاب ما ثبت من أحكام الشرائع السابقة. ولا فائدة وراء ذلك الا شغل النفس بشأن غير شأنها ، فأين هي الشرائع السماوية السابقة كي نستصحب حكما واحدا منها؟ لقد درست هذه الشرائع قبل الاسلام ونبي الاسلام (ص). قال أمير المؤمنين (ع) في نهجه : «أرسل الله محمدا (ص) ، وأعلام الهدى دارسة ، ومناهج الدين طامسة». وأي مسلم يقر ويعترف بغير الإسلام وشريعته؟.