واحد ، ولا يوجد اللاحق منها إلا بعد ذهاب السابق كالمشي والكلام ، ويسمى هذا بالزماني. وقد يكون الزمان قيدا للمستصحب كما لو قال واجب الطاعة : اجلس هنا حتى الزوال. ونتحدث في هذا التنبيه عن صحة الاستصحاب في كل واحد من هذه الأقسام الثلاثة.
الزمان
١ ـ استصحاب الزمان ، ومثاله أن يشك الصائم في بقاء النهار ودخول الليل ، فيستصحب بقاء النهار أو عدم دخول الليل ، ويبقي ما كان على ما كان حتى يثبت العكس. وعلى هذا أكثر الفقهاء قولا وعملا.
وتسأل : ان الشرط الأساسي في الاستصحاب أن يكون المشكوك عين المتيقن ، ولا فرق إلا من جهة تعلّق اليقين بحدوث المستصحب وتعلق الشك ببقائه. وهذا الشرط ممتنع الوجود في الزمان لأن ما مضى منه غير موجود ، والموجود الآن كان في عالم الكتمان؟.
الجواب :
ليس المراد بالاستصحاب هنا أن نثبت أن هذا الزمان الحاضر الذي نحن فيه هو جزء من النهار لا من الليل كي يقال : لا يقين به بل بعدمه ، وأيضا ليس المراد بوحدة الموضوع في الاستصحاب الوحدة عقلا وواقعا ، كلا ، بل المعيار والمرجع في تشخيص موضوع الاستصحاب ووحدة موضوع اليقين والشك هو العرف وأهله ـ لأن الأحكام الشرعية تتبع الأسماء العرفية للموضوع وليس الدقة العقلية.
وأهل العرف يرون لكل من الليل والنهار بداية ونهاية ، وما بينهما أجزاء للوقت لا جزئيات ، ويقولون : أول الليل وآخره ونصفه ، وفي ذلك نزل القرآن الكريم : («وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ) ـ ١١٤ هود» .. (إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ) ـ ٢٠ المزمل». وعليه يكون معنى استصحاب النهار في واقعه أن آخره لم يأت ، أو أن أول الليل لم يدخل. وهكذا الحال في الأزمنة التي هي شيء واحد في فهم العرف ونظره.