الاستصحاب ، ولكنها تلتقي معه على صعيد واحد من حيث النتيجة ، مثل قاعدة قبح العقاب بلا بيان ، وعدم الدليل دليل العدم ، وأصل عدم القرينة والتخصيص والتقييد ، وعدم النقل ، وغير ذلك.
باعتبار الدليل
وينقسم المستصحب باعتبار الدليل على ثبوت الحكم المستصحب إلى ما ثبت بالشرع كحكمه بحرمة الأكل من المتنجس يقينا بالنسبة إلى المكلفين ، وشكا بالنسبة لتقديمه إلى الأطفال ، وإلى ما ثبت بالعقل كحكمه بقبح الصدق الضار بالنفس قطعا ، وبغيره شكا ـ على سبيل المثال ـ وفصل الأنصاري بين الحكم الثابت بدليل شرعي فيجري فيه الاستصحاب ، وبين الحكم الثابت بدليل عقلي فلا يجري فيه. وذلك لأن العقل لا يحكم بحسن شيء أو قبحه إلا بعد العلم بموضوع الحكم ، والاحاطة بكل ما يتصل به. ومعنى هذا أن الحكم العقلي إما معلوم الوجود ، واما معلوم العدم ، ولا يمكن تصور الشك فيه بحال ، فإذا ما حدث شك فإنما هو في موضوع حكم العقل لا في الحكم بالذات ، ومن البديهي أنه لا مكان لأي أصل من الأصول إلا بعد إحراز موضوعه والتثبت من وجوده.
وهذا بخلاف الأحكام الشرعية فإنها تبع للموضوعات العرفية لا إلى ما تقتضيه الدقة العقلية ، ولذا اشتهر بين الفقهاء أن الأحكام الشرعية تدور مدار الاسماء وجودا وعدما ، وإذا امتنع الاستصحاب في الحكم العقلي فإنه يمتنع أيضا في الحكم الشرعي الذي اكتشفناه وتوصلنا اليه عن طريق العقل ، لأن اللازم عدم عند ملزومه. ونعود إلى هذا الموضوع في التنبيه الثالث من تنبيهات الاستصحاب.
باعتبار المقتضي
وأيضا ينقسم الاستصحاب باعتبار الاقتضاء إلى الشك في المقتضي والمانع ، والمراد بالشك في المقتضي أن نشك طبيعة الموجود من حيث استعداده الذاتي للبقاء ومدى استمراره في عالم الوجود ، وانه هل هو كريشة في مهب الريح ،