بقاء صديقك في لبنان ، وإذا علمت بمجيئه بعد الشك فيه بأسبوع يكون أمد الشك متقدما على أمد العلم ، وأيضا تستصحب البقاء لأن الشك وقع في الحالين على البقاء والاستمرار بعد العلم بالحدوث فصحّ الاستصحاب ، فالمهم تقدّم زمن المتيقن (أي الحدوث) على المشكوك (أي البقاء) وليس زمن اليقين على الشك.
قاعدة اليقين
تبين مما سبق أن قوام الاستصحاب هو الشك في البقاء بعد العلم بالحدوث ، فلو حدث اليقين ثم أزاله الشك من الأساس امتنعت عملية الاستصحاب ، ومثاله ان تجلس إلى فلان الفلاني ، فيعجبك منطقه وألفاظه ، وتوقن بفهمه وعلمه حتى إذا امتد الكلام وتشعب ظهر في فلتات لسانه ما أوحى بجهله ، وارتبت في أمره : هل كان مجرد ببغاء في حديثه الأول ، ومعنى هذا أن شكك اللاحق أحال يقينك السابق بعلمه إلى سراب ، ومعه لا مكان لعملية الاستصحاب ، وهذا النوع من اليقين والشك يسمى بقاعدة اليقين ، وبالشك الساري في مقابل الشك الطارئ الذي هو أحد أركان الاستصحاب.
الاستصحاب المقلوب
سبقت الإشارة إلى ان الاستصحاب هو ثبوت المشكوك في بقائه لاحقا بناء على العلم بحدوثه سابقا ، اما الاستصحاب المقلوب فعلى العكس تماما أي ثبوت المشكوك في حدوثه سابقا بناء على العلم بوجوده لاحقا ، وهذا الاستصحاب باطل عند الإمامية ، ويسمونه بالاستصحاب القهقري ، قال الأنصاري : «لو شك في زمان سابق عليه فلا استصحاب ، وقد يطلق عليه الاستصحاب القهقري مجازا» يريد المجاز في كلمة الاستصحاب لا في كلمة القهقري.
وهو صحيح عند المالكية ، ومثّلوا له بالزوج يكون غائبا عن زوجته دون ان يترك لها نفقة ، ثم يقدم فتطلب منه ما انفقته اثناء غيبته ، فيدّعي الإعسار ،