وينحصر كلامنا بأخبار الآحاد غير العلمية. وجهة الخلاف ـ ان كان خلاف له وزن ـ أن قول الشارع او فعله او تقريره : هل يثبت بخبر الآحاد الثقات ، أو لا يثبت إلا بالخبر المتواتر ، أو الواحد شريطة ان تصحبه وتعززه قرينة تفيد العلم واليقين؟. وهذا الخلاف في واقعه يرجع إلى الخلاف في وجود الدليل السمعي أو اللبّي على ان خبر الواحد حجة في أمور الدين وشرعه مع قصور هذا الخبر عن افادة العلم ، أو لا أثر لهذا الدليل؟.
من علم الأصول
لا شك في أن البحث حول خبر الواحد كما حررناه هو بحث أصولي محض حيث يناط به ويستخرج منه العديد من الأحكام الشرعية. فإذا ثبت أن خبر الواحد حجة ساغ لنا أن نقول ـ على سبيل المثال ـ هذا الشيء أخبر الثقة بأنه حرام ، وكل ما حرمه خبر الثقة فهو حرام محرم شرعا لأنه حجة لازمة ، فهذا الشيء حرام شرعا.
أدلة النافين
قال بعض الناس : لا يسوغ العمل بخبر الواحد لأنه لا يوجب العلم ، والله سبحانه يقول : (وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) ـ ٣٦ الإسراء». وغير ذلك كثير من الآيات والروايات الناهية عن الظن وأتباعه.
الجواب :
١ ـ إن المراد بالظن المنهي عنه الظن في العقيدة وأصول الدين. وكلامنا في الفروع لا في الاصول.
٢ ـ نحن أيضا نقول : ان العمل بالظن من غير دليل حرام محرم ، وسبق منا الحديث مفصلا ومطولا أن الأصل يقتضي المنع والردع عن العمل بالظن إلا ما خرج بالدليل القطعي. ولدينا أكثر من دليل قطعي على أن خبر الواحد الموثق قد خرج عن هذا الأصل ، وسنعرض الأدلة بعد قليل. وعليه يكون العمل بالظن الذي قام الدليل على اعتباره عملا بالقطع في حقيقة الأمر والواقع ، وليس عملا بالظن ، كما يظن.