أما القائلون
بحجية خبر الواحد فقد اختلفوا فيما بينهم ، فذهب جماعة منهم إلى ان الاجماع يثبت
بخبر الواحد تماما كما يثبت قول المعصوم ما دام كل منهما نقلا بطريق غير علمي كما
هو الفرض.
وقال آخرون :
لا يثبت الاجماع بخبر الواحد ، وقياس نقله على النقل عن المعصوم ـ قياس مع وجود
الفارق ، لأن الراوي ينقل عنه بعد السماع منه حسا ومباشرة ، أو عمن سمع منه كذلك ،
فيشمله الدليل الذي دلّ على الأخذ بخبر الواحد ، لأن موضوعه النقل عن حسّ لا عن
حدس ، أما الاجماع فإن الراوي ينقله عن حدس وتخمين ورأي واجتهاد ، وعليه يستحيل أن
يكون موضوعا ومقصودا للدليل ، الأمر الباعث على العمل بخبر الواحد.
نحن والإجماع :
ونحن من
القائلين بوجوب العمل بالخبر الواحد ، ولكن لا نفتح صدرنا للاجماع بشتى أقسامه
وأنواعه مع احترامنا للمجمعين إلا إذا اتفق كافة العلماء من يوم الصحابة إلى يومنا
، وعندئذ يكون الأمر المجمع عليه ضرورة وبديهة دينية ، وتكون هي وحدها الحجة
القائمة الدائمة ، وليس الإجماع. وبكلمة إذا لم يصل الاجماع الى حد الضرورة
والبديهة فما هو بشيء ، وان بلغها ذهب مع خبر كان.
ودليلنا على
هذا الموقف السلبي من الإجماع هو أدلة السنة على اعتباره ، ومنهج من اعتمده من
الشيعة ، لأن شيئا من هذا أو تلك لا يقوم على أساس سليم ، ولا ينهض باثبات المدعى
به ، فعمدة الأدلة وأهمها عند السنة حديث «لا تجتمع أمتي على خطأ» وفي رواية ثانية
على ضلالة. ومع صرف النظر عن صحة الحديث فإن ظاهره يتناول كل مسلم من أمة محمد (ص)
أو كل مجتهد مقبول الفتوى من كل عصر لا من عصر واحد لأن الجميع من أمة محمد بلا
استثناء.
أما منهج
الشيعة في الاجماع فهو حدس ، ولا شيء أدل على ذلك من أقوال علمائهم ، ومنها :
الاجماع يكشف عن رضا المعصوم لأن أقوال المرءوسين تدل على قول الرئيس!. ومنها :
المجمعون علماء اتقياء ، والتقوى تمنع من القول بلا علم ، واللازم الحتم لذلك أن
نؤمن ونوقن بأن المجمعين ما أجمعوا إلا لوجود دليل