من أحكام العام
البحث عن المخصص
لا يسوغ العمل بأي عموم أو إطلاق في كتاب الله وسنّة نبيه يقبل التخصيص والتقييد ـ إلا بعد البحث والتنقيب عن المخصص والمقيد تماما كما لا يسوغ الرجوع والركون الى أي أصل عملي كالبراءة والاستصحاب وغيرهما من الأصول العملية ، إلا بعد الفحص واليأس من الوصول الى الدليل. ولا فرق من هذا الوجه بين الأصل اللفظي والعملي ، وإنما الفرق بينهما في أن الفحص في الأصل العملي هو بحث عن وجود الدليل ، وفي الأصل اللفظي بحث عما يعارض الدليل الموجود بالفعل ويزاحمه.
والدليل الأول والأهم على أن البحث عن القيد شرط أساسي للعمل بظواهر آيات الأحكام وأحاديثها ـ هو العلم بأن الشارع كثيرا ما يسوق أحكامه بصيغ مطلقة وعامة لحكمة هو أدرى بها وأعلم ، ثم يقلم ويطعم ، ويأذن أو يمنع ، ومعنى هذا ان الشارع يعتمد في بيان مقاصده وأغراضه على القيد المنفصل تماما كما يعتمد على القيد المتصل. وعلمنا بذلك كاف للمنع عن العمل بظهور كلام الشارع والاحتجاج به إلا بعد الفحص والبحث عما يصرف الظاهر عن ظهوره والعام عن عمومه.
الدليل الثاني أيضا نعلم علم اليقين بأن في كتاب الله وكتب الأحاديث ، بل وكتب الفقه أيضا أحكاما وإلزامات شرعية نحن مسئولون عنها ، ولا نعذر بجهلها أو تجاهلها ، وهذا العلم وحده يفرض علينا عدم الركون الى أي عموم أو إطلاق