فائدة التعليق في الجملة الشرطية لتشخيص المراد منه ومن استعماله لا لتعيين وضعه اللغوي ، فإذا بحث الفقيه عن الفائدة من التعليق ولم تظهر له إلا الانتفاء ـ تعين حمل القيد على ذلك صونا لكلام الحكيم عن اللغو.
ثالثا : لو سلمنا بأن مفهوم الشرط لا صلة له بالوضع والواضع من قريب أو بعيد ـ أثبتناه بالإطلاق ومقدمات الحكمة ، وخلاصتها ان الحكيم اذا كان في مقام البيان ، وعلق حكما على شرط خاص نصّ عليه صراحة ، وسكت عن غيره ، ولم يشر من قريب أو بعيد الى أي شيء آخر يخلف الشرط ويقوم مقامه. اذا كان ذلك اكتشفنا من إطلاق كلامه بالنسبة الى غير الشرط المذكور ، الانحصار به وحده ونفي ما عداه .. وإلا لزم تأخير البيان عن وقت الحاجة ، واللازم باطل. وسنعود الى مقدمات الحكمة مرة ثانية أو ثالثة.
ولم أر في كتب الأصول للسنّة ذكرا لكلمة «مقدمات الحكمة» ولكن موجودة فيها بالمعنى والمضمون. من ذلك ما نقله صاحب (تفسير النص) عن كتاب (الأحكام) للآمدي ، وهو : «إن مفهوم الشرط يؤخذ به من جهة المعنى لا من جهة الوضع اللغوي». وهذا يلتقي مع قولنا : إن مفهوم الشرط يؤخذ به من جهة مقدمات الحكمة التي نكتشف منها المعنى المراد للمتكلم بصرف النظر عن تشخيص المعنى الموضوع له.
واستدل النافون لمفهوم الشرط بأدلة خاوية. منها ـ على سبيل المثال ـ ان الشرط الذي تعلق عليه الحكم يمكن أن ينوب عنه شرط آخر!.
الجواب :
أجل ، ولكن الكلام في الإثبات لا في الثبوت ، وفي الظهور والإطلاق لا في مجرد الإمكان عقلا وواقعا. ومنها وجود بعض النصوص التي لا تدل على المفهوم مثل قوله تعالى : (وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً) ـ ٣٣ النور». ولو كان للشرط مفهوم للزم جواز الإكراه على الزنا عند عدم إرادة التحصن ، واللازم باطل.
والجواب : إن هذه الآية وردت لبيان موضوع الحكم وكفى تماما كقول القائل : إن ركب الشيخ فخذ بركابه ، وإن ألّف كتابا فاقرأه. حيث لا ركاب بلا ركوب ، ولا قراءة بلا كتابة .. وأيضا لا إكراه إلا مع الإرادة ، وسبقت