والخلاصة ان العبادة تخرج عن مفهومها ورجحانها إن تعلق النهي بها أو بالجزء أو الشرط على التفصيل ، ولا يمكن التقرب بها إطلاقا إذ لا يطاع الله من حيث يعصى.
النسيان والاضطرار
وتسأل : اذا خالف المصلي ـ مثلا ـ النهي المذكور لا عن قصد وعمد كما لو أخفت في مكان الجهر اضطرارا أو نسيانا ـ فهل مقتضى القاعدة صحة العبادة أو فسادها بصرف النظر عن الأدلة الخاصة؟.
الجواب :
قال أحد الأقطاب : ان الفساد هنا يتبع النهي ، فمتى وجد نحكم بفسادها ، وإذا انتفى النهي وتأثيره لمكان الاضطرار أو النسيان نحكم بصحتها ، وعلى هذا الأساس ذهب المشهور الى صحة الصلاة في الحرير والذهب اضطرارا أو نسيانا.
وقال آخر معترضا على المشهور : العكس هو الصحيح أي ان النهي تابع للفساد وانعكاس عنه ، فإذا انتفى النهي لسبب أو لآخر ينتفي التحريم والعقاب ، أما الفساد فيبقى على واقعه ، وعليه فمقتضى القاعدة فساد العبادة مع الخلل بشيء منها سواء أكان ذلك عن علم وعمد أم عن خطأ وجهل أم عن نسيان واضطرار.
ويلاحظ على هذا القائل بأن الفساد على نوعين : الأول فساد ذاتي في نفس المنهي عنه كالنهي عن الصلاة في جلد الميتة ، وهذا النوع من الفساد يؤثر أثره في شتى الحالات ، ويكون النهي معلولا له وانعكاسا عنه. ولكن كلام المشهور أجنبي عن ذلك.
الثاني : فساد عارض تولد من التحريم ونهي الشارع بالذات. ولا معنى له إلا تخلف الآثار عن المنهي عنه وعدم ترتبها عليه ، وهذا النوع من الفساد يتبع النهي ويدور مداره وجودا وعدما ، فإذا طرأت الغفلة أو الضرورة يسقط النهي ويلحقه الفساد حتما. وهذا هو مراد المشهور ، ولو تنبه له المعترض لأراح نفسه والقراء من تسويد الصفحات نقضا وإبراما.
النهي عن المعاملة
هل النهي عن المعاملة يقتضي فسادها بمعنى تخلف الآثار عنها؟ والجواب يستدعي التفصيل التالي :