وبهذا يتضح معنا ان المراد بالصحة هنا ترتب الآثار ، وبالفساد نفي الآثار والأحكام.
وأيضا اختلفوا هل يختص النهي هنا بنهي التحريم دون الكراهة ، وبالنفسي دون التبعي كالنهي المنبثق من الأمر بالشيء؟.
والحق ان النهي هنا لا يشمل الكراهة بمعنى قلة الثواب ، لأنها لا تتنافى مع الإذن بالفعل. وما من شك في ان الإذن بالشيء تقرير وإمضاء لكل ما له من آثار ، أما النهي التبعي فهو داخل في محل الكلام لأن كثيرا من العلماء استدلوا على فساد الضد بالنهي عنه المنبثق من الأمر بالشيء.
أين الأصل؟
اذا ورد نهي عن عبادة أو معاملة ، ولم ترافقه قرينة تشعر بفساد المنهي عنه فهل هناك أصل يثبت أو ينفي أن النهي يقتضي فساد المنهي عنه؟
ليس من شك في ان البحث عن وجود هذا الاقتضاء بحث أصولي لا فقهي ، وعقلي لا لفظي ، كما سبقت الاشارة ، ولا أظن أحدا ادّعى أو يسوغ له أن يدعي بأن الأصل وجود الملازمة العقلية بين تحريم الشيء وفساده أو عدم وجود هذه الملازمة ، لأنها ذاتية لا تنفك بحال إما كائنة واقعا واما غير كائنة منذ البداية.
هذا إذا كان الشك في المسألة الأصولية أي في الاقتضاء وعدمه ، أما إذا كان الشك في المسألة الفرعية أي في صحة المنهي عنه وفساده ـ فيختلف الأصل تبعا للموارد ، فإن رجع الشك في صحة العبادة الى الشك في التكليف بها فالأصل العدم ، وان رجع الى الشك في الامتثال بعد العلم بالتكليف فالاحتياط حتم بحكم العقل. أما المعاملة فإن كان الشك في تحققها ووجودها فالأصل العدم بلا ريب وخلاف ، وان رجع الشك الى صحتها بعد العلم بوجودها فالأصل اللفظي ، وهو إطلاق التجارة عن تراض ، يقتضي الصحة ، والأصل العملي ، وهو إبقاء ما كان على ما كان ، يقتضي الفساد وعدم ترتب الآثار والأحكام.
النهي عن العبادة
في تقريرات الأنصاري أن الأقوال في اقتضاء النهي للفساد ربما زادت على