الجواب :
يرى بعض المؤلفين أن إطلاق النهي شمولي لأنه يستغرق الترك بشتى صوره وألوانه ، أما إطلاق الأمر فهو بدلي يكتفي بمجرد الوجود وأوله بحيث يكون وجود الفرد الثاني وما بعده بلا أمر. والاطلاق الشمولي ـ كما قال هذا البعض ـ مقدم على البدلي عند التعارض والتصادم ، لأن المطلوب في البدلي فرد واحد مثل أكرم رجلا ، والمطلوب في الشمولي كل الأفراد مثل لا تكرم رجلا ، فإذا قدمت البدلي فقد ضيقت مدلول الشمولي بإخراج بعض الأفراد عنه ، أما إذا قدمت الشمولي فإن مطلوب البدلي يبقى واحدا كما كان ، ومعنى هذا أنك ان قدمت النهي على الأمر فقد عملت بمدلول الأمر وبمدلول النهي معا ككل بلا استثناء من ذا وذاك ، أما إذا قدمت الأمر على النهي فقد عملت بكل ما دل عليه الأمر وببعض ما دل عليه النهي ، وليس من الشك ان الجمع أولى من الطرح.
ويلاحظ على هذا التفلسف بأن المبدأ والمعيار في تقديم أحد الدليلين على الآخر إنما هو الظهور العرفي بحيث يكون المقدم أقوى ظهورا من المؤخر في إفهام العرف ، أما تقديم النهي على الأمر من حيث هو فليس بمبدإ وقاعدة مطردة ، بل يختلف ذلك تبعا للموارد ، فقد يتساوى الأمر والنهي في الظهور ، وعندئذ فلا يقدم أحدهما على الآخر كما في مثالنا الموروث ، فإن دلالة «صل» تماما كدلالة «لا تغصب» كل واحدة منهما تستوي في الظهور مع الأخرى. وقد يكون النهي أقوى ظهورا مثل «صلّ» ولا توجد شيئا من أفراد الغصب .. وقد يكون الأمر أظهر مثل «لا تغصب» وصلّ في كل مكان ، لأن الصلاة لا تسقط بحال. وعلى هذا فلا مبرر لتقديم النهي على الأمر بقول مطلق.
الأصل العملي
إذا تعذر الأخذ بالأصل اللفظي رجعنا الى الأصل العملي ، وهو ـ كما في تقريرات الأنصاري ـ يقتضي إباحة الغصب حال الصلاة فقط ، لأن المفروض تعارض الخطابين في مورد الاجتماع وهو الكون الصلاتي في مكان الغصب ، والرجوع الى الأصول العملية. وأيضا يقتضي الأصل عدم الصحة للشك في سقوط التكليف المعلوم بعد الإتيان بالفرد المشكوك.