والمطالبة بحقوقها (١) ، وما تنبأ به سلمان الفارسي ـ أيضا ـ في تلك المناسبة عند ما كان يردد قول : (والله لو وليتموها عليّا لأكلتم من فوقكم ومن تحت أرجلكم).
وقد كان في النموذج الذي قدمه الإمام عليّ عليهالسلام في السنوات الأربع من حكمه ، بالرغم من انشغاله بالحروب الداخلية ، أفضل دليل على ما كان يمكن أن يتحقق على مستوى الخط الثالث من حركة الرسالة ، وهو التطبيق الكامل للأحكام الشرعية.
مشاكل الدولة وتراجعها
المؤشر الثالث : حركة الدولة الإسلامية في عهد الأمويين والعباسيين ، فإنّه بالرغم من وجود فوارق رئيسية بين العهدين لا مجال لبحثها (٢).
فإنه بالرغم من القوة والمنعة اللتين كانتا تتمتعان بهما ، ولا سيما في العهد العباسي ، والتطور الكبير الذي شهده في القدرة المادية والتنظيم الإداري والمدني ، إلا إن حركة الدولة فيهما كانت تتصف ـ بصورة عامة ـ بصفتين سلبيتين رئيسيتين :
إحداهما : أن القضية الأولى والهمّ الأعظم للدولة في هذين العهدين كان هو
__________________
(١) «... والله لو تكافّوا عن زمام نبذه رسول الله صلىاللهعليهوآله إليه لاعتلقه ، ولسار بهم سيرا سجحا ، لا يكلم خشاشه ، ولا يتعتع راكبه ، ولأوردهم منهلا نميرا فضفاضا تطفح ضفّتاه ولأصدرهم بطانا ، قد تحيّر بهم الرّيّ غير متحلّ منه بطائل إلّا بغمر الماء وردعة شررة الساغب ، ولفتحت عليهم بركات من السماء والأرض ، وسيأخذهم الله بما كانوا يكسبون.
... أما لعمر إلهك لقد لقحت فنظرة ريث ما تنتج ثمّ احتلبوا طلاع القعب دما عبيطا ، وذعافا ممقرا ، هنالك يخسر المبطلون ، ويعرف التالون ، غبّ ما سنّ الأوّلون ، ثمّ طيبوا عن أنفسكم أنفسا ، وطأمنوا للفتنة جأشا ، وأبشروا بسيف صارم ، وهرج شامل ، واستبداد من الظالمين يدع فيئكم زهيدا ، وزرعكم حصيدا فيا حسرتا لكم ، وأنى بكم ، وقد عميت (قلوبكم) عليكم أنلزمكموها وأنتم لها كارهون» ، بحار الأنوار ٤٣ : ١٥٨ / ٨.
(٢) تناولناها في بعض محاضراتنا حول الإمام الصادق عليهالسلام ، وسوف نتحدث عنها ـ إن شاء الله ـ عند الحديث عن أدوار أئمة أهل البيت عليهمالسلام ومواقفهم.