وعندئذ ، فلا بد من وجود الإمامة ، لتحمل هذه الأعباء الثقيلة الأخرى بعده ، كما ذكرنا سابقا.
ولكن تحمل هذه الأعباء الثقيلة يحتاج إلى إعداد كامل يتناسب مع طبيعة وحجم هذه الأعباء الضخمة التي سوف يتحملها هؤلاء (الأئمة) بعد النبي صلىاللهعليهوآله.
وهنا يمكن أن نقول بأن عملية الإعداد هذه التي يراد إنجازها من أجل تحمل هذه الأعباء ، إنما يمكن أن تتم في داخل البيت الرسالي بصورة أفضل وأكمل من إنجازها في خارج البيت الرسالي.
وهذا ما أشار إليه الشهيد الصدر قدسسره في قوله : (فاختيار الوصي كان يتم عادة من بين الأفراد الذين انحدروا من صاحب الرسالة ولم يروا النور إلا في كنفه وفي إطار تربيته ، وليس هذا من أجل القرابة بوصفها علاقة مادية تشكل أساسا للتوارث ، بل من أجل القرابة بوصفها تشكل عادة الإطار السليم لتربية الوصي وإعداده للقيام بدوره الرباني.
وأما إذا لم تحقق القرابة هذا الإطار فلا أثر لها في حساب السماء ، قال تعالى : (وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) (١)) (٢).
فالذرية عادة تكون قابلة ومهيئة للإعداد الرسالي بصورة أفضل في حركة التاريخ الإنساني (٣).
__________________
(١) البقرة : ١٢٤.
(٢) الإسلام يقود الحياة : ١٥٧.
(٣) صحيح أنه قد نشاهد ـ أحيانا ـ في داخل البيت الرسالي أشخاصا يشذّون عن المسيرة وعن الارتباط بالرسالة ، كما يذكر القرآن الكريم بعض النماذج.
ومن هذه النماذج ابن نوح عليهالسلام ، عند ما يذكره القرآن الكريم كنموذج لخروج ولد لرسول عن أهداف الرسالة ومسيرتها.