هذا القدر الكبير من الانحراف في مجال تطبيق العدل والحق ، بحيث جعل الرسالة الإسلامية كلها في موضع الشك والريب بسبب الظلم والاستبداد والطغيان الذي مارسه كثير من الحكام المسلمين في عدة قرون من الزمن ، في العهود الأموية والعباسية والعثمانية ، ولو لا الفترة القصيرة للقيادة المعصومة لرسول الله صلىاللهعليهوآله وللإمام علي عليهالسلام التي تمكنت أن تبين الوجه الناصع الحقيقي لطبيعة الحكم الإسلامي ، لكان مواجهة هذه الشبهة واقعيا وعمليا أمرا عسيرا ، ولا سيما وأن فترة الخلافة الأولى بعد رسول الله التي كانت تتسم بالاعتدال النسبي ، شهدت الاضطراب والتذبذب في صيغة الحكم الإسلامي ، وفي النتائج المروعة التي انتهت إليها في مقتل الخليفة الثالث ، ومن هنا كانت فكرة وجود الإمام المنتظر (عج) الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا ، كما ملئت ظلما وجورا ، فكرة مطروحة منذ البداية في الرسالة الإسلامية وهي مما يجمع عليها المسلمون ، وذلك من أجل تحقيق هذا الهدف الكبير في الكم والانتشار على مستوى العالم البشري ، وفي الكيف على مستوى التطبيق الكامل للحكم الشرعي ، وعندئذ تكون كل المساعي التي بذلها أئمة أهل البيت عليهمالسلام وهم بعيدون عن قيادة الحكم الإسلامي والتجربة الإسلامية ، وكذلك كل المساعي الأخرى التي بذلها ويبذلها العلماء المجاهدون والمؤمنون في طول التاريخ الإسلامي ، كل هذه المحاولات إنما هي تمهيد لظهور هذه الدولة المباركة الكريمة التي تملأ الأرض قسطا وعدلا ، كما ملئت ظلما وجورا.