سَمَّيْتُمُوها
أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ ما أَنْزَلَ اللهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ ...) ، فهي معركة إزاحة هذه الآلهة المصطنعة عن طريق الهدى
والصلاح والخير الذي يقوده الأنبياء .
وهذه المعركة
عمرها أطول من عمر النبي ، فإن عمر الرسول مهما طال زمانه لا يستوعب زمان الاختلاف
، لأن الله تعالى جعل قضية الاختلاف بين الناس سنّة من السنن الطبيعية التي تحكم
حركة التاريخ في كل الأدوار ، فقضية الاختلاف قضية قائمة لا يختلف فيها زمان عن
زمان ، ولا تنتهي هذه القضية إلا بنهاية حركة البشرية ، أو بلوغها سن الرشد
الاجتماعي ، والقرآن الكريم يشير إلى ذلك ـ أيضا ـ في قوله تعالى : (وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ
أُمَّةً واحِدَةً وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ* إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ
وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ ...) .
إذن ، فالمعركة ضد
الاختلاف تحتاج إلى من يقودها ، وزمنها أطول من زمن النبي ، ولو كانت هذه المعركة
تنتهي بزمن النبي كان يمكن للنبي أن ينهي المعركة ولا نحتاج إلى من يقودها من بعده
، ولكنه لما كانت هذه القضية هي سنّة تحكم حركة التاريخ ، فنحتاج إلى من يقود هذه
المعركة ، معركة إزاحة الآلهة المزيفة والمصطنعة أمام الحركة التكاملية للإنسان.
وقيادة هذه
المعركة تارة تكون من قبل نبي يقوم بدور الإمام ـ أيضا ـ كما في كثير من الأنبياء
السابقين التابعين ، وأخرى تكون من قبل الإمام الذي لا يتصف بعنوان النبوة لعدم
الحاجة إليها ، ولما كانت الرسالة الإسلامية هي الرسالة الخاتمة الكاملة المحفوظة
، ونبوة محمّد صلىاللهعليهوآله لا نبوة بعدها ، اقتضى أن يكون الدور للإمامة التي لا تتصف
بالنبوة.
__________________