السيل عند ما ينحدر من أعلى الجبل يسير بسرعة ولا يقف أمامه حاجز يمنعه من الوصول إلى الوادي ، وهكذا البلاء فإنّ سرعته للعبد المؤمن تكون بهذا الشكل.
وهناك كلمات معروفة عن أمير المؤمنين عليهالسلام ، في هذا المجال أيضا : «من أحبّنا أهل البيت فليستعد للفقر جلبابا» ، و «ومن تولّانا فليلبس للمحن إهابا» ، و «من أحبّنا أهل البيت فليستعدّ عدة للبلاء» ، و «من أحبّنا فليعدّ للبلاء جلبابا» (١).
وهذه العلاقة من العلاقات المهمة جدا التي لا بدّ أن نعرفها في شيعة أهل البيت عليهمالسلام ، ويتحملها شيعتهم ، ويعدّوا أنفسهم لها ، فعن الأصبغ بن نباته : كنت مع أمير المؤمنين عليهالسلام فأتاه رجل فسلّم عليه ، ثمّ قال : يا أمير المؤمنين إنّي والله لأحبّك في الله ، وأحبّك في السرّ كما أحبك في العلانية ، وأدين الله بولايتك في السرّ كما أدين بها في العلانية. وبيد أمير المؤمنين عود ، طأطأ رأسه ثمّ نكت بالعود ساعة في الأرض ، ثمّ رفع رأسه إليه فقال : «إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله حدّثني بألف حديث لكلّ حديث ألف باب ، وإنّ أرواح المؤمنين تلتقي في الهواء فتشمّ وتتعارف ، فما تعارف منها ائتلف ، وما تناكر منها اختلف ، وبحق الله لقد كذبت والله ، ما أعرف وجهك في الوجوه ، ولا اسمك في الأسماء»!!. ثمّ دخل عليه رجل آخر فقال : يا أمير المؤمنين إنّي لأحبّك في السرّ كما أحبك في العلانية ، فنكت بعوده في الأرض ثمّ رفع رأسه فقال : «صدقت ، إنّ طينتنا طينة مخزونة ، أخذ الله ميثاقها من صلب آدم فلم يشذّ منها شاذ ، ولا يدخل فيها داخل من غيرها ، اذهب فاتّخذ للفاقة جلبابا ، فإنّي سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : يا علي بن أبي طالب والله للفقر أسرع إلى محبّينا من السيل إلى بطن الوادي» (٢).
__________________
(١) المصدر السابق : ٤٢٥.
(٢) الاختصاص : ٣١١ ، الأمالي للطوسي : ٤٠٩ ـ ٤١٠ / ٩٢١ ، باختلاف يسير.