أو بعد الخلفاء في زمن الأمويين والعباسيين ، فقد اتخذت المحاولة شكلين وأسلوبين ، نظرا لأنّ العصر كان قريبا من زمن رسول الله صلىاللهعليهوآله والتعتيم في مثل هذا العصر يعتبر عملية صعبة جدا ، لأن الكثير من هؤلاء الأصحاب قد سمع من رسول الله صلىاللهعليهوآله هذه الحقائق ، فاتخذت محاولة التعتيم شكلين :
الشكل الأول : إحراق جميع المصاحف التي دوّن المسلمون عليها ما سمعوه من رسول الله صلىاللهعليهوآله أو عرفوه حول نزول القرآن الكريم ، كتعليق على تفسير الآيات الكريمة أو ذكر أسباب نزولها والحوادث التي نزلت بشأنها ، وتمت عملية إحراق المصاحف ، ومن ثمّ إخفاء كل ما قد دوّن وكتب في ذلك العصر والزمان.
الشكل الثاني : منع التدوين للحديث والكتابة عن رسول الله صلىاللهعليهوآله تحت شعار ـ يبدو أنّه شعار جميل ـ (يكفينا كتاب الله) أو حفاظا على كتاب الله من أن يختلط حديث رسول الله به ، وهو إنسان ، والقرآن الكريم هو كلام الله ، فلا نحتاج إلى تدوين أي شيء من حديث رسول الله صلىاللهعليهوآله. ثم تطور هذا الشعار بعد ذلك وبأساليب مختلفة ، عند ما ابتعد العهد بالمسلمين عن عهد رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وأصبح أكثر المسلمين ممن لم ير رسول الله صلىاللهعليهوآله ، أو لم يسمع منه.
ولذلك اشتدت قضية القمع والتعتيم في عهد الأمويين بصورة أوضح واتخذت شكلا جديدا ، حتى أصبح سب الإمام علي عليهالسلام شعارا رسميا للأمويين يلتزم به الحكم الأموي على منابر المسلمين ، ويطارد محب علي عليهالسلام ومن يذكره بخير حتى تصل إلى القتل ، فضلا عن أنواع المطاردة الأخرى.
وكذلك الأمر في زمن العباسيين ، حيث تحولت قضية الإمام علي عليهالسلام إلى قضية التنافس بينهم وبين أبناء علي ، ومن هو الأقرب لرسول الله صلىاللهعليهوآله العباس بن عبد المطلب عم النبي أو علي بن أبي طالب عليهالسلام ابن عمه.