لنخرج بذلك بمفهوم صحيح عن (الإمامة).
ولعل أفضل نص يمكن أن نتعرف من خلاله على مفهوم الإمامة هو الآية الكريمة التي تحدثت عن جعل الإمامة لإبراهيم عليهالسلام ، والذي تؤيده مجموعة نصوص قرآنية أخرى :
(وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) (١).
حيث يمكن أن نفهم من هذا النص عدة أبعاد لمفهوم الإمامة :
الأول : أنّ الإمامة هي هداية الناس إلى الله تعالى من خلال تقدمهم في المسيرة الربانية عمليا.
وهذا ما يدل عليه مفهوم الإمامة لغة ، وتؤكده مجموعة من الآيات الكريمة التي تحدثت عن الإمامة ، وقرنت الإمامة بالهدى ، منها قوله تعالى في معرض حديثه عن قصص إبراهيم عليهالسلام وولده : (وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ وَإِقامَ الصَّلاةِ وَإِيتاءَ الزَّكاةِ وَكانُوا لَنا عابِدِينَ) (٢).
وقوله تعالى : (وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا وَكانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ) (٣).
وكذلك ما ورد في سورة الأنعام في معرض الحديث عن الأنبياء منذ نوح عليهالسلام إلى عيسى عليهالسلام : (أُولئِكَ الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ* أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرى لِلْعالَمِينَ) (٤).
__________________
(١) البقرة : ١٢٤.
(٢) الأنبياء : ٧٣.
(٣) السجدة : ٢٤.
(٤) الأنعام : ٨٩ ـ ٩٠.