أولا : عنواني (العباد) و (الأبرار) ، وليس مجرد عنوان (الإيمان) وهما من العناوين الخاصة التي تدل على الدرجة العالية من الكمالات الإلهية في العبودية لله تعالى (١).
وثانيا : قرن الوصف المفهومي العام بتجسيده في مصداق خارجي ـ كما هو ظاهر العرض ـ يتصف بدرجة عالية من الأخلاق والحب والوفاء والتضحية والبذل والرحمة والخوف من الله تعالى والرجاء له ، ثم الدرجة العالية من الأجر والثواب والجزاء له.
ويجمع المفسرون من جماعة أهل البيت ، كما يذكر جمع من المفسرين وأهل الحديث من الجمهور (٢) ، أنّ هذا المصداق هو أهل البيت عليهمالسلام الذين نذروا الصوم لله تعالى ثلاثة أيام ، وتعرضوا للسائلين الثلاثة (المسكين واليتيم والأسير) ، وبذلهم لطعامهم المعد من الشعير للإفطار ، الذي كانوا قد حصلوا عليه بالقرض أو الأجر ، وهم لا يجدون غيره ، ويفطرون أيامهم الثلاثة على الماء وحده.
إذن ، فالهدف الذي تذكره هذه السورة لخلق الإنسان ووجوده وحركته في هذه الحياة ، هو إيجاد الإنسان الشاكر الكامل في شكره ، والعابد الكامل في عبوديته وعبادته ، والبار الكامل في بره.
__________________
(١) يراجع بهذا الصدد في توضيح ذلك ، الميزان ١ : ٤٢٨ ، في تفسير الآية ١٧٧ ، من سورة البقرة.
(٢) ومنهم ابن الأثير في أسد الغابة ٦ : ٢٣٩ / ٧٢٠٢ ، والزمخشري في الكشاف ٤ : ١٩٧ ، والواحدي في أسباب النزول : ٣٦٤ ، والفخر الرازي في تفسيره الكبير ٣٠ : ٢٤٤ ، والمحب الطبري في الرياض النضرة ٣ : ٢٠٨ ، والسيوطي في الدر المنثور ٧ : ٣٧١ ، والشبلنجي في نور الأبصار : ١٢٤ ، فضائل الخمسة ١ : ٣٠١ ، ومواضع تفسير هذه السورة من كتب التفسير المذكورة.