القلب ، وإلا لم تستقم الجوارح؟ قال : نعم. فقلت : يا أبا مروان ، إنّ الله تعالى ذكره لم يترك جوارحك حتّى جعل لها إماما ، يصحّح لها الصحيح وييقن ما تشكّ فيه ، ويترك هذا الخلق كلّهم في حيرتهم وشكّهم واختلافهم لا يقيم لهم إماما يردّون إليه شكّهم وحيرتهم ، ويقيم لك إماما لجوارحك ترد إليه حيرتك وشكّك؟! قال : فسكت ولم يقل شيئا.
قال : ثمّ التفت إليّ فقال : أنت هشام؟ فقلت : لا. فقال : لي : أجالسته؟ فقلت : لا. قال : فمن أين أنت؟ قلت : من أهل الكوفة. قال : فأنت إذن هو. قال : ثمّ ضمّني إليه وأقعدني في مجلسه وزال عن مجلسه ، وما نطق حتّى قمت ، قال : فضحك أبو عبد الله عليهالسلام وقال : «يا هشام من علّمك هذا؟» قلت : شيء أخذته منك وألفته ، فقال (الإمام عليهالسلام) : «يا هشام ، هذا والله مكتوب في صحف إبراهيم وموسى» (١).
وفي رواية أخرى عن الحسين بن أبي العلاء ، قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : تترك الأرض بغير إمام؟ قال : «لا» ، قلنا له : تكون الأرض وفيها إمامان؟ قال : «لا ، إلّا إمام صامت لا يتكلم ، ويتكلم الّذي قبله» (٢).
والرواية الأخرى عن إسحاق بن عمار ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : سمعته يقول : «إنّ الأرض لا تخلو إلا وفيها إمام ، كيما إن زاد المؤمنون شيئا ردّهم ، وإن نقصوا شيئا تمّمه لهم» (٣).
ورواية أخرى عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «إنّ الله لا يدع الأرض إلّا
__________________
(١) الكافي ١ : ١٦٩ / ٣ ، الأمالي للصدوق : ٦٨٥ / ٩٤٢ ، بحار الأنوار ٢٣ : ٦ ـ ٨ / ١١ ، و ٦١ : ٢٤٨ ـ ٢٤٩ / ١ ، إثبات الهداة ١ : ٧٤ ـ ٧٥ / ٣ ، باختلاف في بعض ألفاظها.
ومن الملاحظ في هذا الاستدلال أنّه عقلي ، حاول هشام أن يوضح فيه الحقيقة لعمرو بن عبيد ، والرواية تدل على صحة الاستدلال العقلي ، عند ما نسبه إلى صحف إبراهيم وموسى.
(٢) بحار الأنوار ٢٣ : ٥١ / ١٠٢.
(٣) الكافي ١ : ١٧٨ / ٢.