فلا بد للإمامة أن تكون باقية ومستمرة في هذا المجال إلى أن تتكامل حالة المجتمع الإنساني الصالح ، ويتحول إلى مجتمع القدوة ، وهذا إنّما يتحقق إذا تحقق ذلك الهدف الكبير في امتلاء الأرض قسطا وعدلا ، بل قد تستمر الحاجة إلى ذلك في دور (الرجعة) أيضا ، والله سبحانه وتعالى أعلم بذلك.
السابع : الآيات الكريمة التي تحدثت عن أنّ الغاية والهدف من إرسال الأنبياء والرسل هو حل الاختلاف بين الناس ، وهي آيات عديدة ، أشرنا إلى بعضها في عرض النظرية.
منها : قوله تعالى : (كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ ...) (١) ، وما دام الاختلاف قائما فلا شك بضرورة استمرار النبوة في الإمامة ، ليتحقق هذا الهدف الإلهي ، وهذا هو ما تشير إليه آيات قرن طاعة الرسول بطاعة الله تعالى ، وكذلك آيات قرن طاعة أولي الأمر بطاعة الله والرسول ، ولا سيما في مورد الاختلاف والنزاع.
قال تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) (٢).
فإن في هذه الآيات الكريمة إرشادا وإشارة إلى أنّ حلّ الاختلافات على مستوى التطبيق الاجتماعي إنّما يمكن أن يتحقق كهدف أعلى وأسمى للإنسانية ، من خلال استمرار النبوة في ولاية الأمر ، بعد النبي وهو دور من أدوار الإمامة.
ويؤكد ذلك ما ورد في القرآن الكريم من وضع الولاء والولاية للمؤمنين
__________________
(١) البقرة : ٢١٣.
(٢) النساء : ٥٩.