من فرض وجود إمامة تقود الأمة لتحقيق هذا الهدف وتقاتل من أجله ، بل يمكن أن يقال بأنّ هذا الهدف الإلهي لم يتحقق حتى الآن ، إذا أريد منه الظهور المطلق للرسالة الإسلامية على جميع الأديان والمعتقدات الأخرى ، كما يفهم ذلك من قوله تعالى : (... وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ ...) ، حيث تكون بهذا المضمون قريبة من مضمون قوله تعالى : (... يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً ...) (١).
السادس : الآيات الكريمة التي دلت على أنّ من أهداف إرسال الأنبياء والرسل إيجاد القدوة بين الناس ، كما تشير إليه الآيات الكريمة ، مثل قوله تعالى ـ بعد ذكر جماعة من الرسل : إبراهيم وذريته ، ومن قبله نوح عليهالسلام ـ : (أُولئِكَ الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ* أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرى لِلْعالَمِينَ) (٢).
وما ورد من قوله تعالى ـ بعد ذكر مجموعة من الأنبياء ـ : (وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ وَإِقامَ الصَّلاةِ وَإِيتاءَ الزَّكاةِ وَكانُوا لَنا عابِدِينَ) (٣).
وكذلك قوله تعالى : (وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا وَكانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ) (٤) ، وما ورد من الأمر بالاقتداء والتأسي بإبراهيم عليهالسلام في سورة الممتحنة (٥) ، ومن التأسي برسول الله صلىاللهعليهوآله في سورة الأحزاب (٦).
فإنّ جميع هذه الآيات الكريمة تدل على أنّ هؤلاء الأنبياء وضعوا قدوة للبشرية ، لا سيما وأنّ موضوع القدوة في آيات سورة الأنعام وردت في سياق ذكر
__________________
(١) النور : ٥٥.
(٢) الأنعام : ٨٩ ـ ٩٠.
(٣) الأنبياء : ٧٣.
(٤) السجدة : ٢٤.
(٥) الممتحنة : ٤ ـ ٦.
(٦) الأحزاب : ٢١.