عناصر الاستدلال بالقرآن
وفي مجال الاستدلال بالقرآن الكريم هناك مجموعة من الأمور أحاول الإشارة إليها في إثبات هذا الأمر :
الأمر الأول : أنّه يفهم من القرآن الكريم أن الإمامة عند ما جعلت من الله تعالى ، جعلت كقضية ذات طبيعة مستمرة في وجودها وحركتها ، لأنها وإن كانت تمثل ظاهرة تكامل للنبوة نفسها ، وحركة الرسالات الإلهية ، ولكنّها في الوقت نفسه ظاهرة تكاملية أساسية في حركة المجتمع الإنساني والبشري أيضا ، لأنها تمثل الأداة في تجسيد وتحقيق الهدف للرسالات الإلهية ، ولذلك لا يمكن أن تكون ظاهرة منقطعة أو ثابتة في حال دون حال ، فالنبوة تمثل ظاهرة تكاملية للحركة الإنسانية ، والإمامة تمثل ظاهرة أخرى تكمل النبوة وتحقق أهدافها التكاملية النهائية.
والمؤشرات على هذا الاستمرار من القرآن الكريم عديدة ، منها : ما ورد في قوله تعالى : (وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) (١) ، فإن هذه الآية الكريمة تشير إلى أنّ إبراهيم عليهالسلام عند ما خوطب بالإمامة فهم من ذلك أنّ هذه الإمامة هي أمر باق ومستمر ، ولذلك كان سؤاله عن دور ذريته في هذه الإمامة (... قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي ...)
__________________
الثاني في مقام الاستدلال بالقرآن الكريم ، حيث لم أجد في حدود المراجعة السريعة لبعض الكتب الجامعة لأبحاث علم الكلام تخصيص الاستدلال بالقرآن الكريم ، لهذا الجانب من البحث الذي هو موضع بحثنا في هذا الفصل.
وقد حاول العلامة الطباطبائي قدسسره أن يستنبط استمرار الإمامة من آيات القرآن الكريم ، عند ما تناول قوله تعالى : (وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً ...) ، البقرة : ١٢٤ ، الميزان ١ : ٢٧١.
(١) البقرة : ١٢٤.