والحدود الدقيقة ، إلا في مواضع خاصة ، ولسبب خاص (١) ، ويلاحظ عموم هذا المنهج من خلال متابعة تعرض القرآن الكريم إلى العبادات كالصلاة والصوم والزكاة والحج ، وكذلك الحلال والحرام والعقود وغيرها من الشئون العقائدية والاجتماعية ، حيث لم يعرض القرآن الكريم تفاصيلها.
ولعل السبب في ذلك هو مجموعة مصالح رسالية وموضوعية ، وقد ترك للنبي صلىاللهعليهوآله ولأهل البيت عليهمالسلام بيان الكثير من هذه التفاصيل المستنبطة منه ، كما أشار القرآن الكريم إلى ذلك في عدة مواضع ، كقوله تعالى : (... وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ...) (٢).
وقال تعالى : (... وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) (٣).
وكذلك قوله تعالى : (وَما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (٤).
الثالثة : التمييز بين هذا البحث القرآني في إثبات ضرورة وجود الإمامة بعد النبوة في النبوة الخاتمة ، وبين بحث آخر وهو إثبات الإمامة لأهل البيت عليهمالسلام أو للإمام علي عليهالسلام ، وإن كان البحث الثاني يمكنه أن يثبت الأول بالملازمة العقلية ، ولذا قمنا بفصل البحثين أحدهما عن الآخر في أصل النظرية ، ونحاول ـ أيضا ـ هنا فصل الاستدلال عليهما (٥).
__________________
(١) لقد تناولنا جانبا من هذا المنهج والأسلوب القرآني ، وكذلك الأسباب الخاصة للاستثناء ، في بحثنا (الهدف من نزول القرآن) الذي طبع في كتاب مستقل.
(٢) الحشر : ٧.
(٣) النحل : ٤٤ و ٦٤.
(٤) النحل : ٤٤ و ٦٤.
(٥) لعل هذا الارتباط هو الذي جعل الكثير من الباحثين في علم الكلام يكتفون بالبحث