ذكر الخاص بعده إنما هو لتخصيص المراد الجدي ولبيان أن العموم لم يكن مرادا فيه إلا بالإرادة الصورية التفهيمية ولا ريب في أن هذا طريق جميع أبناء المحاورة في استعمالاتهم سيما من كان منهم بصدد جعل القاعدة والقانون فإن واضع قانون الاستخدام مثلا إنما يحكم أولا بنحو الكلية والعموم وإن كان بعض أفراد العام خارجا عن تحت مراده الجدي فالذي يستعمل فيه لفظ العام أولا إنما هو العموم الكلية ولو سئل عنه بأن هذا اللفظ هل جيء به لتفهيم العموم والشمول ليجيبن بأنه وهل يجاء به إلا لتفهيم ذلك المعنى وبيانه بل يمكن أن يقال إنه لا مناص للمتكلم في بعض الموارد عن اختيار هذا الطريق لإفادة مطلوبه مثل ما لو فرض ترتب مفسدة على ذكر الخاص حين التكلم بالعام أو ترتب مصلحة على بيان مراده بنحو العموم فإنه لا بد للمتكلم حينئذ من ذكر مطلوبه بصيغة العموم بمراد جدي وبالجملة فلفظ كل وأخواتها مما هو موضوع للعموم إنما يؤتى به لتفهيم معناه الموضوع له ويكون هذا المعنى مرادا منه بالإرادة التفهيمية الإنشائية ولو لم يكن مرادا بالإرادة الجدية ولا يكون ذكر الخاص منفصلا إلا لبيان ما هو مراد بالإرادة الجدية من غير أن يوجب ذلك تجوزا في لفظ العام أصلا كما لا يخفى وقد انقدح بذلك حال ما إذا كان المخصص المتصل من قبيل الاستثناء فتدبر جيدا (ومن جميع ما ذكرنا ظهر الوجه) فيما اخترناه من حجية العام في ما بقي تحته من الأفراد فإنه بعد ما اتضح من عدم استلزام تخصيصه لمجازيته يكون ظاهرا في معناه الحقيقي الذي هو العموم وشمول جميع الأفراد ولا ريب في أن بناء العقلاء على الأخذ بظهور الكلام لكاشفيته عندهم عن المراد الواقعي ما لم تقم على خلافه حجة أقوى منه والمفروض انتفاؤه بالنسبة إلى الباقي فيكون الظهور حجة بالنسبة إليه ومتبعا عندهم هذا في المنفصل (وأما في المتصل فالأمر) واضح