فانقدح أن الإشكال بعدم صحة النهي عن الخروج وقبح تعلق التكليف به لعدم مقدوريته مما لا وجه له (وبالجملة) فبما أن كل جزء من الأجزاء الواقعة في الأرض المغصوبة تصرف فيها يكون محرما ومبغوضا بلا إشكال ولعمري ذلك واضح ليس الكلام فيه مجال ويكفي المراجعة إلى الوجدان لمن أراد حقيقة الحال هذا (ولكن قد تحتلج في نظري الفرق بين الخارج بالتوبة) وبين غيره فإن محرك التائب إلى الحركات الخروجية هو الاضطرار بحيث لولاه وكان يمكنه التفصي من الحرام بوجه آخر لفعل وليس يدعوه إلى هذه الحركات إلا اضطراره ويبعثه إلى الخروج بأسرع الوقت الفرار عن التجري على الله تعالى والخروج عن رسم عبوديته فالحركات الخروجية تصدر منه في طاعة الله والإتيان بما يقتضيه عبوديته فهي مثاب عليها ومأجور بها لا معاقب عليها ومأخوذ بها وهذا بخلاف غيره فإن محركه هو طغيانه وخروجه عن مقتضى عبوديته بحيث لو لا اضطراره أيضا لكان ارتكب وإن شئت وضوح ذلك فراجع إلى نفسك حيث ترى فرقا بين السارق الذي سرق بعض أموالك ويخرج بحسب عادته وبين من دخل بيتك فتأمل في نفسه وندم فخرج سريعا بلا سرقة فإن الثاني يثاب بحركاته الخروجية بخلاف الأول فإنه يعاقب بها وعلى هذا البيان فصلاة النافلة التي لم توجب تصرفا زائدا على القدر المضطر إليه أو الفريضة في ضيق الوقت بحيث تكون يصح إتيانها في حال الحركة تقع صحيحة من الثاني دون الأول (ويظهر من المحقق الحائري قدسسره) الحكم بصحة الصلاة من غير تفصيل نظرا إلى أن إتيان العبد بما هو محبوب لمولاه لا ينافي كونه عاصيا وفي حال الطغيان من جهة أخرى فإنا نعلم بالضرورة أن العبد إذا دخل في دار لم يمكنه الخروج منها أبدا وكان المولى قد نهاه عن دخوله فيها فأتى في تلك الدار بما هو مطلوب لمولاه مثل أن يخيط ثوبه