شرعا ولا أساس للقول بوجوب التبعيض في الاحتياط شرعا أصلا وأما ما أفاده أخيرا من أن أدلة نفي العسر والحرج لا تصلح لنفي وجوب الاحتياط وشرعا من جهة أخصية دليله عن تلك الأدلة ففيه أن وجوب نصب الطريق لامتثال التكاليف على الشارع لا يستدعي جعل خصوص الاحتياط كي يقال بأن موضوع الحكم من أول الأمر عسري فلا يصلح لنفي حكمه أدلة نفي العسر والحرج بل أقصى ما يستدعيه هو جعل الطريقية لأحد أمرين من الاحتياط والظن فإذا كان جعل أحدهما من جعل العسر الذي ينافي الشريعة السهلة السمحة يتعين جعل الآخر والقول بأن أدلة نفي العسر والحرج إنما هي لنفي الحكم بعد ثبوته لا للمنع عن جعله ابتداء مما لا دليل عليه بل الدليل قائم على خلافه فإن مثل قوله تعالى (ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) يقتضي عدم كون الحكم العسري مجعولا من الشرع أصلا فلو شك في جعل حكم يكون جعله مستلزما للعسر مجعولا من الشرع أصلا فلو شك في جعل حكم يكون جعله مستلزما للعسر والحرج لأمكن الاستدلال بمثل هذه الآية على عدم مجعوليته حيث يرى جعله منافيا لعدم جعل الحرج في الدين ثم إنه انقدح من جميع ما ذكرنا أن مقتضى التحقيق في المقام بعد فرض عدم منجزية العلم الإجمالي حجية الظن على الحكومة فإن العقل بعد استكشاف اهتمام الشارع بما في الواقع من الأحكام من الدليل الدال على عدم جواز إهمال جميع الوقائع المشتبهة يحكم لا محالة بوجوب التعرض لامتثال تلك الأحكام الثابتة في الوقائع بنحو من الأنحاء فإن أمكن الامتثال العلمي الإجمالي وتحصيل الواقع بطريق يعلم معه بالفراغ ووجب ذلك فهو وإلا تصل النوبة إلى الامتثال الظني بمعنى الإتيان بما يظن معه بالفراغ لكونه أقرب إلى درك الواقع من الامتثال الشكي أو الوهمي وليس حكم العقل بذلك مستتبعا لحكم شرعي مولوي من باب الملازمة كي يتم القول بالكشف إذ هو من الأحكام الواقعة